ومن قال بالأول قال: قوله: "حتى تُقر" ليس المراد منه أن المرأة قد رضيت بالفرقة، فشرط رضاه كذلك، بل المراد به: أن المرأة لما قالت: رضيت بما في كتاب الله، رضيت بما في الكتاب لها وعليها من الجمع والتفرق. قال الرجل: أما الفرقة فلا يعني الفرقة ليست في كتاب الله، فقال علي - رضي الله عنه- كذبت بل هو في كتاب الله؛ لأن قوله:{يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}[النساء: ٣٥] يشتمل على الفراق وعلى الجمع جميعاً؛ لأن التوفيق أن يخلص كل واحدٍ من الوزر، يدل عليه أنه قال [له]: كذبت، ولا يقال لمن أخبر عن مراده: كذبت.
ثم القولان في التفريق والإصلاح، فلو شرط الحكمان ترك بعض حقها من قسم أو نفقةٍ، أو شرطاً ألا يتسرى، ولا ينكح الزوج عليها - فلا يلزم شيء من ذلك.
ولو كان لأحدهما حق على الآخر لا يجوز استيفاؤه إلا بإذن صاحب الحق، وإذا جُن أحد الزوجين، أو أغمي عليه، فلا يجوز بعث الحكمين بعده.
وإن جُن بعد استطلاع الحكمين رأيه لا يجوز تنفيذ الأمر، لأنا إن جعلناه توكيلاً فالوكيل ينعزل بجنون الموكل، وإن جعلناه تولية فقيام الخصومة شرطٌ لتنفيذ الأمر، ولا يتحقق ذلك بعد الجنون ولو غاب أحدهما بعد بعث الحكمين إن قلنا توكيل الحكمين لهما تنفيذ الأمر، وإن قلنا: تولية فلا، لأنه لا يعرف بقاء الشقاق بينهما.
ولو كل الزوج رجلاً فقال: إذا أخذت مالي على المرأة فطلقتها، أو قال: خُذ مالي ثم طلقها، فطلق قبل أخذ المال - لا يقع.
ولو قال: خُذ مالي وطلقها فكذلك على أصح الوجهين.
وقيل: الواو للجمع، فلو قدم الطلاق على الأخذ يقع.
أما إذا قال: طلقها ثم خذ مالي، فقدم أخذ المال ثم طلق جاز، لأنه زاده خيراً. والله أعلم.