فإن قذف واحد مراراً- نظر: إن أراد بالكل زنية واحدة بأن قال: زنيت بعمرة؛ [قاله مراراً]، أو قال لامرأة زنيت بزيد، أعاده مراراً-: فلا يجب إلا حد واحد.
ولو أنشأ الثاني بعد ما حد الأول-: يعذر للثاني، وإن قذفها بزنيات مختلفات بأن قال: زنيت بزيد، ثم قال: زنيت بعمرو- فهل تعدد الحدود أم لا؟ فيه قولان:
أحدهما: تتعدد اعتباراً باللفظ، ولأنه من حقوق العباد؛ فلا يقع فيه التداخل كالديون؛ وعليه نص من بعد.
والثاني- وهو الأصح-: تتداخل؛ فلا يجب إلا حد واحد؛ لأنهما حدان من جنس واحد لمستحق واحد؛ كحدود الزنا: تتداخل.
فإن قلنا: لا يجب إلا حد واحد، فلو أنشأ الثاني بعد ما حد للأول-: ففيه وجهان:
أحدهما: يعزر للثاني؛ كما لو كان بزنية واحدة.
والثاني: يحد ثانياً، كما لو شرب الخمر فحد، ثم شرب ثانياً: يحد ثانياً.
ولو قذف زوجته مراراً-: يكتفي بلعان واحد، سواء قلنا: تتعدد الحدود أو لا تتعدد، وقد ذكر أنه لو قذفها بجماعة، قال: سماهم في اللعان، وسقط حدودهم، وهذا أصح.
وقيل: إن قلنا: تتعدد الحدود-: يتعدد اللعان.
وإن قلنا: لا تتعدد الحدود-: يكتفي بلعان واحد.
ولو قذفها فلاعن، ثم قذفها ثانياً-: فقد ذكرنا حكمه من قبل.
ولو قذفها مرتين: أحدهما يثبت اللعان دون الآخر، بأن قذفها قبل النكاح، ثم قذفها بعد النكاح: فإن قلنا: يتعدد الحد-: فله إسقاط الثاني باللعان، وحد للأول.
وإن قلنا: لا يتعدد، فإن لم يلاعن-: حد لهما حداً واحداً، وإن يلاعن عن الثاني-: حد للأول، وإذا حد الأول قبل اللعان-: سقط الثاني، ولا لعان له إلا أن يكون ثم ولد يريد نفيه: فله أن يلاعن.
وكذلك: لو قذف زوجته، فأبانها قبل اللعان، ثم قذفها ثانياً بعد البينونة، لأن الأول ثبت باللعان دون الثاني.
أما إذا قذف جماعة معدودين- نظر: إن قذف كل واحد بكلمة-: يجب عليه لكل واحد حد كامل.