وعند أبي حنيفة: لا يجب إلا حد واحد، [بناء على أن حد القذف عنده حق الله تعالى؛ فيتداخل؛ كما لو زنا مراراً: لا يجب إلا حد واحد].
ولو قذف أربع نسوة بكلمات-: عليه أربعة حدود، [فإذا أراد اللعان]-: عليه أن يلاعن عن كل واحدة على الانفراد، وليس له أن يجمع بينهن بلعان واحد، ويبدأ بلعان من بدأ بقذفها؛ لأن حقها أسبق.
وإن قذفهم بكلمة واحدة، فقال لهن: يا زناة، أنتن زناة، أو زنتين-: ففيه قولان:
أصحهما- وهو قوله الجديد-: يجب لكل واحد حد كامل؛ لأنه من حقوق العباد؛ [فلا تتداخل]، ولأنه أدخل على كل واحدة معرة؛ فصار كما لو قذفهم بكلمات.
وفي القديم: لا يجب للكل إلا حد واحد اعتبار باللفظ؛ فإن اللفظ واحد حتى لو حضر واحد، وطلب الحد، فحد-: له يسقط حق الباقين.
والأول أصح حتى لو قال لرجل يابن الزانيين-: يكون قاذفاً لأبويه [بكلمة واحدة]-: فعليه حدان.
ولو قذف أربع نسوة بكلمة واحدة، فقال: أنتن زناة، إن قلنا: يتعدد الحد-: يتعدد اللعان، وإن قلنا: لا يتعدد الحد-: فهل له الجمع بينهن في لعان واحد؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا، بل يلاعن كل واحدة على الانفراد؛ لأنها أيمان توجهت عليه لجماعة؛ كما لو ادعى عليه جماعة كل واحد حقاً، فأنكر-: حلف في حق كل واحد يميناً.
والثاني: له الجمع بينهن، لأنها يمين له لا عليه؛ كما لو ادعى على جماعة مالاً وأقام شاهداً-: حلف معه يميناً واحدة عليهم.
وكذلك لو نكلوا: حلف عليهم يميناً واحدة، فإن منعنا الجمع، فتشاححن-: أقرع بينهن، فمن خرجت قرعتها-: بدأ بلعانها.
ولو بدأ بواحدة من غير قرعة. قال الشافعي- رضي الله عنه-: رجوت ألا يأثم.
وإن جوزنا الجمع، فلاعن عنهن-: وجب عليهن جميعاً حد الزنا، ثم من لاعنت-: سقط عنها الحد، ومن أبت-: حدت حد الزنا.
ولو قذف امرأته وأجنبية بكلمتين-: عليه حدان، فإن لاعن عن زوجته-: سقط حدها، ويحد للأجنبية، حتى لو قال لزوجته: يا زانية بنت الزانية-: فهو قاذف لها ولأمها،