أما إذا لم يراجعها، بل طلقها في عدة الرجعية، أو لاعن عنها- نظر:
إن كانت حاملاً-: تنقضي عدتها بوضع الحمل، وإن كانت حائلاً-: تعتد بالأشهر، أو بالأقراء، فهل عليها استئناف العدة اختلف أصحابنا فيه:
منهم من قال: فيه قولان؛ كما لو راجعها، ثم طلقها قبل المسيس، لأن الطلاق معنى لو طرأ على الزوجية-: أوجب عدة، فإذا طرأ على الرجعية-: أوجبها كالوفاة، وللشافعي - رضي الله عنه- ما يدل على هذا؛ لأنه قال: يلزمه أن يقول: ارتجع أو لم يرتجع سواء.
ومنهم من قال- وهو اختيار المزني، وبه قال أبو إسحاق، وهو الأصح-: إنها تبنيعلى عدتها قولا ًواحداً؛ لأنهما طلاقان لم يتخللهما وطء ولا رجعة؛ فصار كما لو طلقها طلقتين من وقت واحد فقال: أنت طالق وطالق، ولو طلق امرأته طلاقاً رجعياً؛ فلم يفترقا، وجعل يستفرشها، ويمسكها، ويخالطها مخالطة الأزواج-: فلا يحكم بانقضاء عدتها، وإن مضت بها أقراء؛ كما لو نكحت زوجاً غيره في العدة-: فزمان استفراشه لا يحسب عن العدة.
أما إذا كانت حاملاً، فوضعت: تقضي عدتها.
أما إذا كان الطلاق بائناً، وكان الزوج يخالطها أو يباشرها، ويطؤها-: لا يمنع انقضاء العدة؛ لأن وطأها زنا، والزنا لا يمنع انقضاء العدة.
بَابُ امْرَأَةِ المَفْقُودِ وَعِدَّتِهَا
إذا غاب رجل عن زوجته، وانقطع خبره، وخفي أثره-: لا يجوز للمرأة أن تنكح زوجاً آخر، حتى يأتيها يقين طلاقه أو وفاته، ثم تعتد وتنكح؛ يروى ذلك عن علي - رضي الله عنه- وهو قول أكثر أهل العلم، وهو المذهب.
وقال في القديم: بعد ما خفي أثره-: تتربص المرأة أربع سنين، ثم تعتد أربعة أشهر وعشراً، ثم لها أن تنكح؛ وهو قول عمر- رضي الله عنه-.