وقال أبو حنيفة: تصبر حتى يبلغ سن الزوج مائة وعشرين سنة، ثم تعتد عدة الوفاة، ثم تنكح.
فتقول: لما لم يجز الحكم بموته بعد انقطاع خبره في قسمة ماله وعتق أم ولده-: لم يجز الحكم بموته في فراق زوجته.
فإن قلنا بقوله القديم-: فمدة أربع سنين من أي وقت تعتبر؟ فيه وجهان:
قال أبو إسحاق: من حين أمرها الحاكم بالتربص؛ لأنه مجتهد فيه؛ كمدة العنة.
والثاني: من حين انقطاع خبره، وهو الأصح.
فإذا نكحت على قولنا القديم، ثم عاد الزوج-: فهو بالخيار بين أن يفسخ النكاح، ويستردها، وبين أن يتركها، ويأخذ مهر المثل من الزوج الثاني.
وأما على القول الجديد: إذا نكحت: فنكاحها باطل، فلو قضى قاض بصحة النكاح بعد زمان التربص: هل ينقص قضاؤه؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا ينقص؛ لأنه كان بالاجتهاد فيما يسوغ فيه الاجتهاد.
والثاني: ذكره الشافعي- رضي الله عنه-: أنه ينقص؛ لأنه حكم مخالف للقياس الجلي، وهوأن يجعل الرجل حياً في حكم المال، ميتاً في حكم النكاح، فلو تزوجت ثم بان أن المقصود كان ميتاً وقت الحكم بالفرقة-: ففي القديم: يثبت النكاح، وهل يحكم بصحته في الجديد؟ فعلى وجهين؛ بناءً على ما لو باع مال أبيه على اعتقاد أنه حي، فبان أنه كان ميتاً، وصار المال له-: ففي صحة البيع وجهان.
ونفقة المرأة دائرة على الزوج الغائب، ما لم تنكح، فإذا نكحت على أن الزوج ميت، أو بأمر الحاكم بعد زمان التربص-: سقطت عنه نفقتها؛ كما لو نشزت-: سقطت نفقتها.
فإذا فرق القاضي بينهما- فلا نفقة لها ما دامت في عدة الثاني.
وإذا خرجت من عدته، ورجعت إلى بيت الزوج الغائب-: فهل تستحق النفقة على الغائب قبل بلوغ الخبر إليه؟ فوجهان.
وإذا رجع الغائب-: فهي زوجته؛ جاز له وطؤها بعد انقضاء عدة الثاني، فلو أتت بولد- نظر:
إن أتت به لأقل من ستة أشهر من وطء الثاني، ولأربع سنين فأقل من غيبة الأول-: فهو للأول.