وإن قتلهم معاً، أو أشكل السابق - يُقرع بين الأولياء، قُتل به الجاني، فلو بادر غير مَنْ خرجت له القرعة.
فمن خرجت له القرعة، فقتله، فقد استوفى حقه، وللباقين الدية في التركة.
ولو خرجت القرعة لواحد، فعفا عن حقه - أعيدت القرعة للباقين، ولو قتله الأولياء معاً [مثل أنْ] كانوا ثلاثة فقتلوه - فقد استوفى كل واحدٍ ثلث حقهِ، ويأخذ من التركة ثلثي الدية.
وكذلك لو قطع رجلٌ أيدي جماعةٍ، فإن قطع على الترتيب قُطع بالأولِ، وللباقين الديةُ في ماله، وإن قطع معاً، أقرع بينهم، فمن خرجت قرعته قطع به، وللباقين الدية.
وعند أبي حنيفة: - رحمه الله - يقتل الواحدُ بالجماعة، ولا يجب شيءٌ من الدية ولو قطع رجلٌ يدي رجلين - قال: يقطع يده بهما، ولكل واحدٍ منهما ربعُ دية النفس، فنحن نقيسُ الطرف على النفس في أنه لا يُجمع في حق شخصٍ واحدٍ من القصاص والدية، ونقيس النفس على الطرف في أنه لا يجعلُ استيفاء المحلِّ الواحد إيفاءً لحقيهما على الكمال.
ولو قتلَ جماعةُ جماعةً يُقرعُ بين أولياء المقتولين، فمن خرجت له القرعة - قتل جميع القائلين به، وللباقين الدية في تركتهم.
ولو قتل عبدٌ جماعة، يُقتل بالأول، ولا شيء للباقين، فلو بادر الثاني، وقتله لا شيء عليه، فلو عفا الأولُ على المال تعلق حقه برقبته، وللثاني أن يقتله، وإن بطل حق الأول.
وإن قتل العبد جماعةً معاً -أقرع بينهم كما في الحر، فمن خرجت قرعته قتل به، ولا شيء للباقين، وقيل: يقتل العبدُ بهم جميعاً؛ لأنه لا محل لحقوقهم سوى رقبته، وإن كانت الجناياتُ موجبة للمال، أو عُفيَ عن القصاص على مال - تُباع رقبتُه، وتقسم قيمته بينهم على قدر جناياتهم، سواء كانت الجنايات على الترتيب، أو معاً، والله أعلم.