فنقول: الجناية إذا كانت مضمونةً، لم يجز أن تكون سرايتها غير مضمونةٍ بتبدل المستحق، كما لو جنى على ذمي، فأسلم، ثم مات- تجب ديةٌ كاملةٌ، وإن كان مستحق ماله بعد الإسلام غير مستحقة لو مات كافراً، ولو قطع إصبع نصرانيٍّ، فأسلم، ثم سرى إلى الكفِّ، ووقف - فعلى الجاني عُشرُ دية ذميٍّ للإصبع، وأربعةُ أخماسِ دية يد مسلمٍ، وكذلك لو قطع إصبع عبد، فعتق ثم سرى إلى الكف، فعليه عُشرُ قيمته للسيد، وأربعة أخماس دية حُرٍّ للمعتق، ولو قطع ذميٌّ يد ذميٍّ، فاقتص من القاطع، ثم أسلم المجني عليه، ومات بالسراية، أو قطع ذمي يد مسلم، فاقتص، ثم مات المسلم بالسراية فلوليه أن يقتص من الجاني، فلو عفا فعلى الجاني خمسةُ أسداسٍ ديةٍ مسلمٍ، ويسقط سُدسها، وهي دية يد ذمي.
فمنه وجه آخر: أنه يجب نصف الدية؛ لأن يد الذمي إذا استوت بيد المسلم - لا يجب شيء آخر، ولو قطع ذمي يدي مسلمٍ، واقتص، ثم مات المسلم بالسراية- فللولي قتله، وإذا عفا على الدية - فعلى الوجه الأول: يأخذ ثلثي الدية؛ لأنه أخذ ما يقابله ثلث دية المسلم، وعلى الوجه الآخر: لا شيء له؛ لأنه إذا رضي أن يأخذ نفس [الذمي بنفس] المسلم - لا يكون له دية، وكذلك: لو قطعت امرأة يد رجل، واقتص، ثم مات المجنيُّ عليه بالسراية، ووقفت يد الجاني - فللولي قطعها، فلو عُفي على الدية، يجب ثلاثة أرباع الدية؛ لأنه يستوفي يداً بدلها ربُعُ نفس الرجل.
وقيل: يجب نصف الدية، لأن يدها تقابل يد الرجل عند القطع.
والأول أصح؛ لأن يدها إنما تقابل يده، إذا وقفت الجناية، فأُقيدت بها، فذا صارت الحادثة نفساً فاستيفاء يدها كاستيفاء ربع الدية، ولو قطعت يدي رجلٍ، فاقتص، ثم مات المجني عليه بالسراية، وعفا الوليُّ عن النفس على الدية - يجب نصف الدية على الوجه الأول، وعلى الثاني: لا يجب شيء.
وعلى هذا: لو قطع عبدٌ يد حرٍّ، فاقتص، ثم مات المجني عليه بالسراية، ثم عتق العبد، ووقفت يده، وعفا الولي عن القصاص في النفس - ماذا يجب عليه؟ فيه وجهان:
أحدهما: يسقط من دية الحر بقدر نصف قيمة العبد، وعلى السيد أقل الأمرين من باقي