والثاني: له ذلك؛ لأن القصاص أغلظ؛ فله الرجوع إلى الأدنى "التفريع على القولين":
إن قلنا: موجب العمد هو القود، فلو عفا عن الدية قبل أن يعفو عن القصاص لا يصح؛ لأنه عفوٌ قبل الوجوب حتى لو عفا بعده عن القود على الدية، تجب الدية، ولو عفا عن القود على غير جنس الدية، أو صالح على ثوب، أو دارٍ معينة، أو على مال في ذمته، وقتله الجاني -جاز، ووجب؛ سواء كان المال والمصالح عيه أقل من الدية، أو أكثر، وسقط القود، وإن لم يقتل الجاني - لا يثبت المالُ وهل يسقطُ [القود] فيه وجهان:
أحدهما: بلى؛ لأنه رضي بسقوطه؛ حيث أقدم على العفو والصلح.
والثاني: وهو الأصح-: لا يسقط؛ لأنه جعله بمقابلة مال، فإذا لم يثبت المالُ - لا يسقط القود.
قال الشيخ - رحمه الله-: فإن قلنا: يسقط القود - فهل تثبت الدية؟
فهو كما لو عفا مطلقاً؛ لأن سقوط القود - ههنا - لرضاه بسقوطه بقوله: "عفوت"، لا لاعتبار المال؛ فإن من اعتبر المال لا يحكم بسقوطه؛ هو الوجه الآخر، ولو عفا عن القود على جنس الدية على أكثر منها:
فإن قلنا: مطلق العفو لا يوجب المال - جاز، وثبت ما سماه إذا قبله الجاني.
وإن قلنا: مطلقه يوجب المال - ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز؛ كما لو صالح عن ألفٍ على ألفين - لا يجوز.
والثاني: وهو الأصح-: جاز ولزم إذا قبله الجاني؛ لأن المال غير ثابتٍ بأصل القتل، إنما يثبت باختياره.
وإن قلنا: لا يصح - ففي سقوط القود وجهان.
وإن قلنا: موجب العمدِ أحد الأمرين، فعفا عن الدية قبل أن يعفو عن القود [جاز، وسقطت الدية وتعين القود، فلو عفا بعده عن القود] مطلقاً - لا يجب المال، وإن عفا على مال:
قال الشيخ - رضي الله عنه - إن عفا على الدية - لا يجوز؛ لأنه أسقطها.
وإن عفا على مالٍ آخر؛ سواءٌ كان من جنس الدية، أو من غير جنسها، أقل منها، أو أكثر، فقبل الجاني - ففيه وجهان: