القصاص، بل يحبس القاتل حتى يبلغ الصبي، أو يفيق المجنون.
وقال أبو حنيفة: يثبت للبالغ العاقل الاستيفاء.
فتقول: الحق ثابتٌ للصبي - فلا يجوز التفويت عليه؛ كما لو ثبت لحاضر وغائب- لا يجوز للحاضر الاستيفاء دون الغاب.
وإذا ثبت القصاص لصبي، أو مجنون - لا يجوز لوليه الاستيفاء، طرفاً كان أو نعساً، بل يحبس القاتل حتى بلغ الصبي، أو يفيق المجنون فيعفو، أو يقتُل.
ولو أعطى القاتلُ كفيلاً ليخلي سبيله - لا يجوز تخليته؛ لأنه ربما يهرب، فيضيع حق المولى عليه؛ فإن مات الصبي، أو المجنون - قام وارثه مقامه.
وقال أبو حنيفة - رحمه الله-: يجوز للأب والجد استيفاؤه، طرفاً كان أو نفساً، ولا يجوز للقيم، ويجوز للوصي استيفاء الطرف دون النفس.
فنقول: من لا يملك العفو عن قصاص - يثبت للصغير لا يملك استيفاؤه كالقيم.
وهل يجوز للقيم أن يعفو على المال؟
نظر: إن كان للصبي مالٌ، أو له من ينفق عليه - لم يكن له أن يعفو؛ لأنه يفوت القصاص عليه من غير حاجة، وإن لم يكن له مالٌ، ولا من ينفق عليه - فيه وجهان:
أحدهما: يجوز؛ لحاجته إلى المال.
والثاني: وهو المنصوص -: لا يجوز؛ لأن نفقته في بيت المال؛ فلا حاجة به إلى العفو عن القصاص، ولو وثب الصبي، أو المجنون على قاتل مورثه، فقتله، أو على من قطع يده، فقطعهما - ففيه وجهان:
أحدهما: صار مستوفياً لحقه كما لو كانت له وديعةٌ عند رجلٍ فتلفها.
والثاني: وهو الأصح-: لا يصير مستوفياًح لأنه ليس من أهل استيفاء الحقوق؛ بخلاف الوديعة، فإنها لو تلفت من غير فعل أحدٍ - يبرأ منها المودع، وههنا: لو مات الجاني - لا يبرأ.
فإن قلنا: لا يصيرُ مستوفياً - فتجب الدية على الصبي والمجنون.
ولو كان القصاص على مجنونٍ، فاستوفاه المستحق العاقل - وقع موقعه؛ كما لو باع سلعةً من رجل، ثم جن المشتري، فقبض البائع منه - يصح، وإن قبض من مجنون.
أما إذا قال الجاني للمجني عليه المجنون: اقطع يدي قصاصاً، فقطع لا يصح؛ كما لو