سلطه على إتلاف ماله، وحقه من الدية باقٍ؛ لفوات محل القصاص، وإذا ثبت القصاص لجماعة من الورثة فعفا واحد منهم - يسقط القود.
وقال بعض أهل المدينة: لا يسقط القود بعفو بعضهم؛ والدليل عليه: ما رُوي عن زيد بن وهبٍ؛ أن عمر - رضي الله عنه - أتى برجلٍ، قتل رجلاً، فجاء ورثة المقتول؛ ليقتلوه، فقالت أخت المقتول - وهي امرأة القاتل-: قد عفوت عن حقي، فقال عمر - رضي الله عنه -: عتق من القتل، ولأن القصاص لا يتجزأ؛ فعلينا جانبُ السقوط تغليباً لحقن الدم، وللباقين حصتهم في الدية.
فأما العافي إن عفا مجاناً - لا دية له، وإن عفا على المال - تثبت، وإن عفا مطلقاً، إن قلنا: مطلق العفو يوجب الدية - تجب له الدية وإلا فلا.
وإن كان العافي سفيهاً، أو مفلساً قد حُجر عليه - فعفوهما عن القصاص صحيحٌ، ولا يصح عن المال، وإن عفا مطلقاً - فكغير السفيه؛ إن قلنا: مطلق العفو يوجب المال - يجب المالُ، وإلا فلا.
وإن عفا مجاناً: إن قلنا: موجب العمد أحد الأمرين - تجب الدية؛ لأن عفوهما عن المال لايصح.
وإن قلنا: موجبه القود.
إن قلنا: مطلق العفو لا يوجب المال - لا تجب الدية.
وإن قلنا يوجب المال - ففيه وجهان.
أحدهما: تجب الدية؛ لأن عفوهما عن المال لا يصح.
والثاني: وهو الأصح-: لا تجبُ؛ لأن القتل لم يوجب المال؛ إنما ثبت باختياره، واختياره بمنزلة اكتساب المال، ولا يلزمه الاكتساب، فكل موضعٍ قلنا: لا يسقط الدية بعفو السفيه:
فإن كان العافي مريضاً، فيعتبر عفوه من الثلث، وإن كان المعفو عنه وارثاً، فلا يصح كالوصية للوارث، وإن كان مكاتباً - فعفوه كتبرعه لا ينفذ بغير إذن المولى، وبإذنه؟ فيه قولان، أما عفوهم عن القصاص - صحيحٌ؛ سواء كان المعفو عنه وارثاً، أو أجنبياً، والله أعلم.