وعند أبي حنيفة: الجراحة شرط لثبوت حكم القسامة، فإن كان عليهن دم ولا جراحة عليه، قال: إن خرج الدم من أنفه - لا تثبت القسامة، وإن خرج من عينه، أو أذنه - تثبت؛ لأن الدم لا يخرج منهما من غير ضرب، وثبت عندنا سواءٌ وجد بعض القتيل أو كله.
وعند أبي حنيفة، لا يثبت إلا أن يوجد الأكثر.
فصلٌ
ولا تسمع [دعوى الولي] ما لم يعين القاتل، فلو ادعى الولي على جماعة، لا يتصور اجتماعهم على مثله - لا تسمع؛ لأنه دعوى محال، ولو ادعى أن واحداً من هؤلاء الجماعة قتله أو أحد هذين الرجلين قتله - نظر:
عن كان ثم لوثٌ، وأراد المدعي أن يحلف - لم يكن له ذلك إلا بعد التعيين، وإن لم يكن لوث، أو كان لوثٌ، فترك اللوث، وأراد تحليفهم جميعاً؟ فيه وجهان:
أحدهما: وهو الأصح-: لا يجوز ما لم يعين؛ كما لو ادعى على رجلين أني أقرضت واحداً منهما ألفاً، ولم يعين - لا يسمع.
والثاني: يسمع؛ لأنه طريق يتوصل به إلى معرفة القاتل.
وكذلك: لو ادعى أن أحد هؤلاء سرق مني كذا، أو أحد صالحني - هل يسمع من غير تعيين؟ فيه وجهان؛ بخلاف القرض؛ لأنه باشره بنفسه؛ فلا يُعذر بالجهل، فلو ادعى على واحد أنه قتل أبي، فقال المدعي [عليه]: كنت يومئذ غائباً، أو ادعى على جماعة، فقال واحد منهم: أنا كنت غائباً - فالقول قوله مع يمينه؛ لأن الأصل براءة ذمته، فلو أقام المدعي بينةً على أنه كان حاضراً أو على إقراره؛ أنه كان حاضراً يوم القتل - يسمع، ولا يقبل إلا من رجلين عدلين، فإذا شهد - يحلف المدعي على القتل، لوجود اللوث، ولو أقام المدعي بينة على حضوره يوم القتل، وأقام المدعي عليه بينة على الغيبة - ترجح بينة المدعي عليه؛ لأن عندهم زيادة علمٍ.
ولو ادعى على واحد أن هذا قتل أبي مع جماعة، ولم يبين عددهم - نظر
إن كان يدعي قتل خطإ أو شبه عمدٍ، أو قال: أخطأ البعض، وتعمد البعض - لا يسمع