وجملته: أن ما كان من شرائع الإسلام، ويصير به المسلم كافراً إذا جحده-: يصير الكافر به مسلماً، إذا اعتقده، وإذا أقر اليهودي برسالة عيسى في قول-: يجبر على الإسلام؛ لأن المسلم لو جحده-: يكفر، ولو أن مسلماً جحد رسالة واحدٍ من الأنبياء، أو كذب بآية من القرآن، أو أنكر فرضية ركعة من الصلوات المس، أو فرضية ركن من أركان الإسلام، أو استحل شيئاً من محارم الشرع مما اجتمعت عليه الأمة-: يكفر.
ولو أكره كافرٌ على كلمة الإسلام، فتكلم نظر:
إن كان الكافر حربياً أو مرتداً-: يحكم بإسلامه؛ لأنا نقتلهم على الكفر، ولا إكراه فوق القتل، وإن كان ذمياً-: ففيه وجهان:
أحدهما: يحكم بإسلامه؛ لأن الإسلام فرض عليه؛ كالحربي.
والثاني: وهو الأصح-: لا يحكم بإسلامه؛ لأن المكره غير محق في إكراهه، فإن علينا ألا نتعرض له في دينه بعد بذل الجزية؛ كما [لو أكره إنسانٌ على الطلاق، فطلق -: لا يقع].
ولو أكره مسلم حتى تكلم بكلمة الكفر-: لا يحكم بكفره؛ لقوله تعالى:{إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}[النحل: ١٠٦].
ويجوز له أن يتكلم بكلمة الكفر، إذا أكره عليه، ولكن الأفضل ألا يتكلم؛ لما رُوي عن خباب بن الأرت؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم - قال:"كان الرجل ممن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار، فيوضع على رأسه، فيشق باثنين، وما يصده عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم وعصب وما يصده ذلك عن دينه".
ومن أصابنا من قال: إن كان ممن يرجو-: من نفسه النكاية في العدو، والقيام بأحكام الشرع-: فالأفضل أن يتلفظ به؛ ليدفع القتل عن نفسه؛ لما في بقائه من صلاح المسلمين، وإن كان لا يرجو ذلك-: فالأفضل أن يختار القتل.
ولو شهد شاهدان على رجل بالردة، فأنكر المشهود عليه، وقال: أنا مسلمٌ -: لا يقنع منه بهذا، حتى يقر بما يصير به الكافر مسلماً؛ بخلافه ما لو شهد أربعة على رجل أنه قد أقر بالزنا، فأنكر المشهود عليه-: لا يحد؛ لأنه إذا رجع عن إقراره بالزنا-: يسقط عنه الحد،