وإنكاره رجوع عن إقراره، وقيل: المرتد لا سقط بقوله: "رجعت"، فلم يسقط بالإنكار بعد شهادة الشهود.
فلو ادعى المشهود عليه؛ أني كنت مكرهاً على التلفظ بكلمة الكفر - نظر.
إن كان أسيراً في أيدي الكفار-: يقبل قوله مع يمينه، وإن كان مخلي-: لا يقبل قوله، سواء كان في دار الإسلام، أو في دار الحرب.
ولو دخل مسلم دار الحرب، فكان يأكل معهم لحمر الخنزير، ويشرب الخمر، ويعم آلهتهم-: لا يحكم بكفره، فإن كان يسجد للصنم، أو يتكلم بكلمة الكفر-: فيحكم بكفره، فإن ادعى:"أني كنت مكرهاً فيه"- نظر: إن كان يفعله في مكان خال-: لا يقبل قوله؛ كما لو فعله في دار الإسلام، وإن كان يفعله بين أيديهم-: يقبل من الأسير، ولا يقبل ممن دخل في دارهم تاجراً، وهذا بخلاف الكافر إذا صلى-: لايحكم بإسلامه؛ لأنه قد يفعله استهزاء، والمسلم لو فعل ما يفعله الكافر استهزاء-: يكفر حتى لو تنعل بنعله، ولو تقلنس بقلنوسة المجوس هزءاً-: يحكم بكفره.
ولو مات رجل عرف إسلامه، وله ابنان مسلمان، فقال أحدهما: مات الأب مسلماً، وقال الآخر: بل مات كافراً؛ لأنه كان يسجد للصنم-: يرث منه الابن الذي يدعي إسلامه؛ لأن الأصل بقاء إسلامه، ولا يرثه الآخر؛ لأنه أقر بكفره، بل نصيبه فيء يصرف على بيت المال.
ولو قال أحدهما: مات مسلماً، وقال الآخر: بل مات كافراً؛ لأنه كان يشرب الخمر، ويأكل لحم الخنزير-: يرث منه الذي أقر بإسلامه، وهل يرثه الآخر؟ فيه قولان:
أحدهما: لا؛ لأنه أقر بكفره.
والثاني: يرثه: لأنه فسره بما يتبين خطؤه في اعتقاد الكفر؛ كما لو قال: مات الأب كافراً؛ لأنه كان يعتقد الاعتزال-: لا يحرم به عن الميراث.
ولو أطلق، وقال: مات كافراً، ولم يفسر-: هل يرث؟ قولان:
ولو أكره مسلم مسلماً على الكفر-: يحكم بكفر المُكرِه.
ولو أكره كافرٌ كافراً على الإسلام-: لا يحمك بإسلام المُكرِه.
وكذلك: لو قال مسلم: أنا أكفر غداً-: يكفر في الحال، ولو قال كافر: أنا أسلم غداً-: لا يصير مسلماً؛ لأن الرضا بالكفر كفرن والرضا بالإسلام لا يكون إسلاماً، والله أعلم.