للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه الشهود؛ أنه زنى بجارية، فادعى أنها كانت ملكي، أو كنت اشتريتها، أو كنت نكحتها، أو كانت حرة، فادعى أنه تزوجها، وأنكرت - سقط الحد؛ بمجرد هذه الدعوى عند الأكثرين.

وعلى قول أبي إسحاق: بمجرد هذه الدعوى - لا يسقط الحد بعد قيام البينة، فإن حلف المالك؛ أنه لم يبغ منه الجارية، ولم يزوجها، وحلفت الحرة أنه لم ينكحها - حُدَّ، وإن نكلا، وحلف هو على الشراء أو النكاح - سقط الحد.

أما إذا قطع يد رجلٍ، ثم ادعى أنه قطع بإذنه - لا يسقط القصاص عنه بمجرد الدعوى وجهاً واحداً؛ والقول قول المجني عليه مع يمينه؛ لأنه من حقوق العباد، ومبناه على الضيق كما لا يسقط في السرقة ضمان المال.

ولو سرق رجلان [شيئاً] معاً، ثم ادعى كل واحد [فيه الملك -لا قطع على واحدٍ] منهما؛ كما ذكرنا في الواحد.

أما إذا ادعى أحدهما الملك لنفسه، ولم يدعه الآخر- لا قطع على المدعي، ثم نظر: عن صدقه صاحبه، وقال: المال ملكه، وأنا أخذت منه بإذنه -: فلا قطع على واحدٍ منهما، وإن كذبه صاحبه، وقال: ليس المال ملكك، ولكنا سرقناه: قال صاحب "التلخيص": يجب القطع على المكذب، لأنه مقر بسرقة مال لا شبهة له فيه.

قال الشيخ القفال - رحمه الله -: يحتمل سقوط القطع عنهما؛ لتمكن الشبهة فيه؛ ألا ترى أن المسروق منه: لو قال: هذا مال السارق، وأنكر السارق - يسقط القطع بالاتفاق، وإن كان هو يقر بسرقة ولا شبهة له فيها.

أما إذا سرق اثنان، فادعى أحدهما أن هذا مال شريكي، أخذته منه بإذنه، وأنكر شريكه، وقال بل سرقناه.

رأيت لأصحابنا أن لا قطع على المدعي، وهل يجب على شريكه؟ فيه وجهان؛ كما لو شهد اثنان بالقصاص، ثم رجعا بعد الاستيفاء، فقال أحدهما: تعمدنا جميعاً، وقال صاحبه: أنا أخطأت - لا قود على من يدعي الخطأ، وفي الآخر وجهان.

قال الشيخ - رحمه الله -: والذي عندي، وهو الأولى: أنه يجب القطع على المكذب؛ لأنه لا يدعي شبهة، وفي المدعي وجهان

<<  <  ج: ص:  >  >>