للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: لا قطع عليه؛ لأن ما يدعيه - لو ثبت - لم يجب عليه القطع.

والثاني: يجب؛ لأنه لا يدعي لنفسه شيئاً؛ إنما يدعي لشريكه، وشريكه منكرٌ.

نظيره من شهود القصاص: أن يقول أحد الشاهدين: تعمدنا جميعاً، [وقال الآخر تعمدت أنا، وأخطأ هو - يجب القصاص على من قال: تعمدنا جميعاً] وفي الآخر وجهان؛ لأنه يدعي الشبهة لشريكه، وهو منكرٌ.

وعلى هذا: لو أن عبداً سرق وقامت عليه بينة بالسرقة، فادعى أن المسروق ملك لسيدي، فإن صدقه سيده - سقط عنه القطع، ولايُقبل قولهما في المال، وإن كذبه سيده، وقال: ليس المال لي - ففيه وجهان.

أحدهما: وبه قال صاحب "التلخيص"-: يسقط القطع؛ كالحر يدعي أنه ملكي.

والثاني: لا يسقط؛ لأنه لا يدعي لنفسه شيئاً؛ إنما يدعي لمولاه، ومولاه منكرٌ.

ولو ادعى السارق نقصان قيمة المسروق عن النصاب - لم يقطع، [ولو] قامت بينة على أن قيمته تمام النصاب قطع، بخلاف ما لو ادعى أنه ملكه - لم يُقطع.

ولو شهد على السرقة رجلٌ وامرأتان، أو شاهدٌ واحدٌ، وحلف المدعي معه - لا يثبت القطع، ويثبت المال؛ لأن المال يثبت برجل وامرأتين، وبشاهد ويمين، والقطع عقوبة لا تثبت إلا برجلين؛ من حلف بطلاق امرأته، أو بعتق عبده؛ ألا يغصب أو لا يسرق، فشهد عليه رجل وامرأتان بالغصب أو بالسرقة، أو شهد شاهدٌ واحدٌ، وحلف معه المدعي - يثبت الغصب والسرقة، ولا يحكم بوقوع الطلاق والعتقن وهذا بخلاف ما لو شهد رجلٌ وامرأتان على قتل العمد، لا يثبت القصاص ولا الدية؛ لأن قتل العمد لا يوجب القود والمال جميعاً؛ إنما يوجب أحدهما لا بعينه؛ [فلا يتعين بالشهادة أن موجبه القود]، وهو الأصل، فإذا لم يثبت - لم يثبت المال، والسرقة توجب القطع والغُرم جميعاً، فإذا لم يثبت أحدهما لعدم حجته - ثبت الذي قامت حجته، وقيل في ثبوت المال [في السرقة] قولان، والمذهب ثبوته قولاً واحداً، والله أعلم.

باب ما لا قطع فيه

رُوي عن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس على خائن ولا منتهب،

<<  <  ج: ص:  >  >>