للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قتله، وإن شاء عفا عنه، وإن كان قد قتل، وأخذ المال - يسقط عنه الصلب وتحتم القتل، وبقي القصاص، وإن كان أخذ المال - يسقط عنه قطع اليد، والرجل وإن قتل الأب الابن في قطع الطريق، أو الحر عبداً، أو المسلم ذمياً، وأوجبنا عليه القتل: فإذا تاب قبل القدرة - سقط القتل أصلاً، ووجبت الدية والقيمة، وإن تاب بعد القدرة عليه - فهل يسقط ما وجب بسبب قطع الطريق من تحتم القتل، والصلب، والقطع - فعلى قولين؛ كالزاني، والسارق، وشارب الخمر إذا تاب هل يسقط عنه الحد؟ فيه قولان:

أصحهما: لا يسقط، فإن قلنا: يسقط بالتوبة [ما يجب] في غير المحاربة، فلابد من مضي زمان يوثق بتوبته؛ لأن الله تعالى قال في الزاني: {فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا} [النساء: ١٦] وقال في السارق: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ} [المائدة: ٣٩]- علق العفو بالتوبة والإصلاح، وقد يُظهر التوبة للتقية، فلا يُعلم صحتها، حتى يقترن بها الإصلاح: من مضي زمان يوثق بتوبته، وفي المحارب يسقط عنه الحد بإظهار التوبة والدخول في الطاعة؛ لأنه خارج من يد الإمام ممتنع؛ فلا تُحمل توبته على التقية.

ولو شهد رجلان من أهل الرفقة على قوم؛ أنهم قطعوا الطريق علينا، وأخذوا كذا من أموالنا - لا تُقبل؛ لأنهم يشهدون لأنفسهم، فإن لم يقولا علينا بل قالا: قطعوا [الطريق] على هؤلاء، وأشاروا إلى أصحابهما، وأخذوا منهم كذا وكذا يقبل، ولا يسألهما الحاكم - هل كنتما معهم أم لا؟ هذا كما لو شهد احد الشريكين للآخر، وقال: هذا العبد بيننا - لا يُقبل، ولو شهد لشريكه بنصفه - يُقبل، وكذلك: لو شهد عدلان من الفقراء؛ أن فلاناً أوصى للفقراء بثلث ماله - يقبل ولو قالا: وصى لنا بثلثه - لا يقبل.

فصل في اجتماع الحدود

إذا اجتمع على واحد حدود من جنس واحد؛ وإنما يتصور ذلك في القذف، بأن يقذف جماعة بكلمات، فعليه لكل واحد حد لواحد - لا يقام عليه حد الآخر، حتى يبرأ جلده عن حد الأول.

أما إذا زنى مراراً - لا يجب عليه إلا حد واحدٌ، وكذلك: لو شرب مراراً، أو سرق مراراً - لا يجب عليه إلا حد واحد، وقطع واحد، ولو زنى مرة، فحد، أو شرب مرة،

<<  <  ج: ص:  >  >>