للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باب الجزية على أهل الكتاب والضيافة

قال الله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩]، وأراد بـ "الإعطاء":الضمان، لا حقيقة الإعطاء.

وفي معنى الصغار قولان:

أصحهما: التزام أحكام الإسلام، وجريان حكمه عليهم، فإن أشد الصغار على المرء أن يحكم عليه بغير ما يعتقده.

والثاني: وهو أن يأخذ من الجزية، وهو قائم، والمسلم الذي يأخذه جالس، ويأمره المستوفي أن يخرج: "من جيبه، ويحني ظهره، فيصب ما يعطيه في كفة الميزان، ثم يأخذ المستوفي بلحيته ويضرب في لهزمته.

ولو وكل ذمي مسلماً بأداء الجزية عنه، أو أحال بها على مسلم-: لا يجوز.

ولو ضمن عنه مسلم-: هل يجوز أم لا؟

إن قلنا: إن الصغار جريان حكم الإسلام عليهم-: يجوز.

وإن قلنا بالثاني-: لا يجوز؛ لأن الاستخفاف بالمسلم لا يجوز.

وأقل الجزية دينارٌ، لا يقر أحد بأقل من دينار؛ لما روي عن معاذ قال: "بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، وأمرني أن آخذ من كل حالم ديناراً أو عدله معافر".

ولا تقدير لأكثر الجزية، فإن ماكسهم الإمام حتى قبلوا أضعاف ذلك-: جاز، ولزمهم ما التزموا.

ولا يجب على الإمام أن يجيزهم بأقل ما عليهم؛ لأنه مال معاملة؛ كما لو باع شيئاً-: له أن يجعل ثمنه ما يشاء؛ ولا يجب أن يخبره بما اشترى وتجب الجزية على الفقير، والغني جميعاً؛ لأنه بمنزلة كراء الدار فيستوي فيه الفقير والغني.

هذا هو المذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>