للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل ههنا: يؤخذ منه الدينار وجهاً واحداً؛ لأنه لم يلتزم الزيادة بنفسه، حتى يعل بالامتناع ناقضاً للعهد.

وهذا أصح.

وإن بلغ سفيهاً، وأدى جزية الأب-: هل تؤخذ الزيادة؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا تؤخذ الزيادة لسفهه؛ ما لو قبل بنفسه.

والثاني: تؤخذ؛ لأنه استدامة عقد الأب، ويجوز عقد الذمة مع السفيه بأقل الجزية، من غير إذن الولي؛ لأن فيه مصلحته وإبقاء روحه؛ كما لو كان عليه قصاص، فعفى على الدية-: يلزمه، ولا يجوز على أكثر من دينار، وإن أدى الولي، ولو قبل دينارين، وهو رشيد، ثم صار سفيهاً-: هل تؤخذ الزيادة؟ قيل: فيه وهان؛ كما لو أدى جزية أبيه أكثر من دينار.

وقيل ههنا: تؤخذ؛ لأنه التزم بنفسه الزيادة حين كان التزامه صحيحاً.

وإذا بلغ الصبي، وأحد أبويه ممن يقر بالجزية، والآخر وثني-: فإنه يقر بالجزية، سواء كان الأب ممن يقر بالجزية، أو الأم؛ تغليباً للحقن، أما في قدر الجزية: فالاعتبار بالأب لا بعشائر الأم؛ لأن الجزية على الأب، حتى لو كان الأب جزيته دينار والأم من قوم جزيتهم ديناران، أو على عكسه-: فعليه جزية الأب.

ولا تؤخذ الجزية من المجنون؛ كما لا تؤخذ من الصبي.

وإن كان ممن يجن ويفيق - نظر:

إن كان جنونه ساعة يسيرة، يقع في الشهر أو في الشهرين مرة-: فلا عبرة به وعليه الجزية؛ لأنه عارضٌ؛ كالمرض والنوم.

وإن كان ممن يجن ويفيق-: اختلفوا فيه:

فمنهم من قال: لا جزية عليه؛ من نصفه حر ونصفه رقيق.

ومنهم من قال: حكمه حكم الصحيح، وعليه الجزية؛ ألا ترى أن المرأة إذا كانت بهذه الصفة-: لا تزوج حتى تفيق [فتأذن].

ومنهم من قال-: وهو الأصح، وبه قال أبو حنيفة-: تلفق أيام الإفاقة، فإذا بلغت سنة-: تؤخذ الجزية؛ مثل إن كان يجن يوماً، ويفيق يوماً، فتؤخذ في سنتين جزية سنة واحدة؛ لأن المجنون لو أطبق لا جزية عليه، فإذا تفرق -: لا تجب جزية أيام الجنون، وإن كان مفيقاً في أول السنة، فجن في آخرها-: هل تؤخذ لما مضى من السنة؟ فيه قولان؛ كما

<<  <  ج: ص:  >  >>