روى أسلم:"أن أهل الجزية من "الشام" أتوا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- فقالوا: إن المسلمين إذا مروا بنا كلفونا ذبح الغنم والدجاج في ضيافتهم، فقال: أطعموهم مما تأكلون، ولاتزيدوهم على ذلك".
وقيل: يجوز أن تكون الضيافة من أهل الجزية، ثم يحاسب في آخر الحول، فإن لم يبلغ في حق ل حالم ديناراً أتموها ديناراً.
والضيافة تكون ثلاثة أيام، لا يشترط أكثر منها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"الضيافة ثلاثة أيام" ولأن في الزيادة إضراراً بهم.
فصلٌ
ولا جزية إلا على حر مكلف ذكر؛ فلا تؤخذ من الصبي؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاذٍ:"خذ من كل حالم ديناراً" ولأن الجزية لحقن الدم، والصبي محقون الدم.
فإذا بلغ صبي من أولاد أهل الذمة-: فهو في أمان؛ لأنه كان في أمان بعقد الأب؛ فلا يخرج منه من غير عناد.
ثم إن قبل جزية أبيه-: أقر عليه، وهل يحتاج إلى استئناف عقد معه أم لا؟ فيه وجهان:
أحدهما: بلى؛ لأن العقد الأول كان مع الأب.
والثاني: لا يحتاج؛ لأنه تبعٌ للأب في الأمان؛ فتبعه في الذمة.
فإن كان جزية أبيه ديناراً، فتبرع هو بأكثر-: قُبل منه، إن لم يكن، سفيهاً، وإن كان سفيهاً-: لا تؤخذ الزيادة.
وإن كان جزية أبيه أكثر من دينار - نظر: إن بلغ رشيداً، وقبل جزية أبيه-: أقر عليه، وإن قال: لا أدفع إلا ديناراً-: قيل: فيه وجهان: كما لو قبل أكثر من دينار، ثم امتنع عن أداء الزيادة؛ لأن قبول الأب اشتمل عليه وعلى الأولاد:
أحدهما: يعقد معه العقد بدينار.
والثاني: يبلغ المأمن، ثم إذا جاء، وطلب العقد بدينار-: يجاب إليه؛ لأن قبول الأب قد سقط بنقضه العهد.