وكذلك: لو صالحهم على عشور زروعهم، وثمارهم: إن علم أنها تبلغ في حق كل حالم ديناراً-: جاز، وإن لم يعلم-: لا يجوز إلا أن يشترط أنها إن لم تبلغ ديناراً-: أتموها.
وإن كانت زروعهم أكثر، فقال كل من كثر زرعه: نحن نتطوع بما زاد من عشورنا على من لا زرع له منا، حتى تكون الزيادة على قدر جزيتنا جزية عن رءوس الفقراء-: يجوز، ويشترط أنه إن لم تحصل أتموها.
وإن لم يتطوع الأغنياء عن الذين لا زرع لهم-: لم يجز إلا أن يبذل الذين لا زرع لهم جزية رءوسهم.
ولو ضرب الجزية على ما يخرج من الأرض، فباع الأرض من مسلم -: يجوز؛ لأنها ملك له، وينتقل ما ضرب عليها على الرقبة، ولا يجو أخذها من المسلم.
ويجوز أن يشترط عليهم ضيافة من يمر بهم من المسلمين؛ لأنه قد يمر بهم المسلمون في وقت عزة الطعام، ويشترط أن تكون الضيافة زيادة على أقل الجزية؛ لأنه ربما لا يمر بهم في السنة أحد من المسلمين، وربما نزل بهم من يكون من أهل الصدقة، لا يحل لهم الفيء.
رُوي أن عمر - رضي الله عنه - صالح نصارى أيلة على ثلثمائة دينار، وكانوا ثلثمائة رجل، وعلى ضيافة من يمر بهم من المسلمين.
ولا يشترط عليهم الضيافة إلا برضاهم؛ كأصل الجزية، ويجب أن يبين عدد أيام الضيافة في الحول؛ أنه في كل عام مائة يوم أو أقل أو أكثر، ويبين عدد الضيفان، كذا فرساناً وكذا رجالة، ويبين ما يطعمونه، وقدره من الخبز والإدام، وعلف الدواب من الشعير والتبن، وأين ينزلونهم من فضول منازلهم وكنائسهم، وما يكن من الحر والبرد؛ لأنها من الجزية، فلم تجز مع الجهل، وإن كثروا، وضاق المكان-: قدم من سبق، وإن جاءوا في وقت واحد-: أقرع بينهم، ويفاوت بين الغني والمتوسط والفقير، يقول: على كل موسر في كل سنة ضيافة عشرة فرسان، وعشرة رجالة وعلى كل متوسط خمسة، وعلى كل فقير ثلاثة، ولا يشترط على الفقير غير المعتمل؛ لأن الضيافة تتكرر، فلا يمكنه القيام بها، ويفاوت بينهم فيقدر الطعام إلا في الجنس؛ لأنه إذا شرط على الغني أطعمة ناعمة، وعلى الفقير خشنة - رغب القوم في الأغنياء، فأجحفوا بهم.