الإبعاد من غير بيان الغاية؛ بأن يقولا:"أينا أبعد رمياً- يجوز، على أصح الوجهين؛ لأن الإبعاد في الرمي مقصود كالإصابة، وإذا/ بينا الغاية، فسبق أحدهما في خلال الميدان، وسبق الآخر في آخر الميدان- فالسابق: من سبق في آخره، ولو عثر أحد الفرسين أو ساخت قوائمه في الأرض أو وقف لعلة أصابته، فسبقه الآخر- لا يكون سابقاً [لأنه لم يسبقه لجودة الجري]، ولا تأخر الآخر لسوء الجري، ولكن لعارض عرض له، أما "المناضلة": فتأتي فيها الأقسام الثلاثة التي ذكرناها في "المسابقة"، بأن قال لهما أجنبي: يرميها عشرة أرشاق: فمن أصاب منها خمسة فله كذا، أو قال الراميان أحدهما لصاحبه: نرمي عشرة أرشاق: فإن أصبت خمسة فلك [علي كذا، وإن أصبتها فلا شيء لي عليك- جاز، وإن قال: إن أصبت خمسة فلك علي كذا، وإن أصبت فلي عليك كذا- لم يجز، إلا بمحلل يدخل بينهما، ولو قال رجل لآخر: ارم عشرة أرشاق: واحدة عني، وواحدة عن نفسك: فإن كانت إصابتك عن نفسك أكثر، [فلك كذا]- لا يجوز؛ لأنه يفاضل نفسه، ولو قال: ارم عشرة أرشاق: فإن كانت إصابتك منها أكثر، فلك كذا- يجوز؛ لأنه يبذل المال على عمل معلوم، والمسابقة على الخيل قريب من المناضلة [في المعنى] وإن كانا يختلفان في بعض الأحكام، وذلك أن تعيين الفرس شرط في المسابقة، ولا يجوز تعيين الفرس والنبل في المناضلة، وهما في المعنى يستويان، وذلك أنه يشترط في كل واحد تعيين ما يطلب امتحانه: ففي المسابقة يطلب امتحان المركوب فيشترط تعيينه، وبهلاكه ينفسخ العقد؛ لأن العقد تعلق بعينه، وقد هلك كالمبيع إذا هلك قبل القبض ينفسخ البيع، ولا يجوز إبداله بغيره ولا يطلب امتحان الفارس، فإذا مات لا ينفسخ العقد وقام وارثه مقامه، وفي المناضلة: يطلب امتحان الرامي، فقلنا: يتعين الرمي حتى لا يجوز إبداله، وإذا مات أو شلت يده ينفسخ العقد ولا يطلب امتحان القوس والنبل، وإذا عين لا يتعين، ويجوز إبداله، وإذا تلف لا ينفسخ العقد، ويشترط في المناضلة بيان ستة أشياء؛ منها: عدد الأرشاق، وعدد القرع، وهو: الإصابة، وصفة القرع، وقدر المسافة التي يرميان فيها، وقدر الغرض، وإن بينا أنهما يرميان مبادرة أو محاطة: