نُظِرَ: إن كانا يتسابقان على الإبل- يكون بالكتد وهو الكتف، فأيهما سبق الكتد كان سابقاً، وإن كانا يتسابقان على الخيل- فيكون السبق بالهادي، وهو العنق؛ لأن الفرس يمد عنقه في العدو، والبعير يرفع/ عنقه؛ فلا يمكنه اعتبار السبق فيه بالعنق، فإذا سبق أحد الفرسين بالهادي أو بعضه- كان سابقاً إذا استوى الفرسان في الخلقة، فإن كان عنق أحدهما أطول: فإن تقدم هادي القصير- كان سابقاً، وإن تقدم هادي الآخر- نظر: إن تقدم بقدر زيادة الخلقة-: لم يكن سابقاً؛ لأن تقدمه بزيادة الخلقة، لا بجودة السير، وإن تقدم بأكثر من زيادة الخلقة-: كان سابقاً، وقيل: إذا اختلف الفرسان في الخلقة-: فالسبق يكون بالكتد، هذا إذا لم يشرطا السبق بأقدام معلومة، فإن تسابقا على أن من سبق صاحبه بخمسة أقدام أو أكثر- كان له السبق، قال صاحب "الإفصاح": يجوز؛ لأنهما يتحاطان ما تساويا فيه، وينفرد أحدهما بالقدر المشروط؛ كما في "المناضلة"، إذا شرطا المحاطة، قال صاحب "الإفصاح": ورأيت من أصحابنا من منع ذلك، فأبطله، ولا أعرف له وجهاً.
ويشترط في المسابقة بيان الموضع الذي يجريان منه، والغاية التي يجريان إليها؛ فإن اختلفا في الابتداء، فوقف أحدهما أقرب [أو في الانتهاء بأن كانت مسافة أحدهما أقرب]- لم يجز؛ لأن المقصود من المسابقة معرفة جودة الفرس وحسن سيره، ولا يعلم ذلك مع اختلاف الغاية؛ لأن غاية أحدهما إن كانت أقرب، فسبقه يكون لقرب المسافة لا لجودة السير، ولو اختلفا في اليمين واليسار- أقرع بينهما، ويركضان معاً في وقت واحد، ولا يجلب وراء الخيل؛ لما روي عن ابن عباس؛ أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال:"من أجلب على الخيل يوم الرهان فليس منا"، ولو لم يبينا الغاية، بل قالا: تركض، فأينا سبق فله كذا- لا يصح؛ لأنه إذا لم يكن لها غاية لا يدريان أين ينتهيان، فيؤدي إلى إتعاب النفس وعطب الدابة ولأن الفرس قد يكون سريع السير في الابتداء، ثم يلين، فيقف بصاحبه، وصاحبه يطلب قصر الغاية، وقد يكون بطيئاً في الابتداء، ثم يشتد حموه، وصاحبه يطلب [طول] الغاية، فإذا اختلفت الأغراض شرطنا بيان الغاية، وهذا بخلاف المناضلة على