والثاني: يصح، ويحمل على المبادرة؛ لأنه الذي يفهم من إطلاق ذكر المناضلة.
قال الشيخ- رحمه الله- وهذا أصح، ولو شرطا قرع عشرة من عشرين، وأن يحسب خاسق أحدهما قرعين- يجوز؛ لأنهما متساويان فيه فإن أصاب أحدهما تسعة قرعاً، وأصاب الآخر قرعين وأربع خواسق، فقد نضل صاحب الخواسق؛ لأنه استكمل العشر، وقيل: هذا لا يجوز كما لو شرطا أن يحسب خاسق واحد خاسقين، والأول أصح؛ لأن الخسق فوق القرع؛ فيجوز أن يجعل في مقابلة قرعين، وإن كان العقد على الحوابي، وهي التي تسقط قريباً من الغرض وصورتها: أن يشرطا أرشاقاً معلومة على أن ما قرب من الغرض يسقط ما بعد منه، فمن نضل له من القريب إن كان ناضلاً؛ كأنهما قالا: من نضل له خمس من عشرين، فقد نضل- فهذا يجوز، فإذا رمى أحدهما وأصاب من الهدف موضعاً [بينه، وبين] الغرض قدر شبر، ثم رمى الآخر، فأصاب موضعاً بينه وبين الغرض قدر إصبع- أسقط الأول، فإذا عاد الأول ورمى وأصاب الغرض- أسقط ما رماه صاحبه، وكذلك إذا رمى أحدهما أولاً، فوقع سهمه بقرب الشن، ثم رمى الآخر فأصاب الشن، أسقط الأول، لأنه إذا كان أقرب من الشن، أسقطه، فإذا أصاب الشن أولى أن يسقطه، ولو رمى أحدهما، فأصاب الشن وأصاب الآخر الرقعة التي في وسط [الشن]- قال الشافعي- رضي الله عنه-: من الرماة من يقول: الذي أصاب الرقعة يسقط الآخر، والقياس عندي؛ أنهما سواء؛ لأن القريب إنما يسقط البعيد، إذا كان خارجاً من الشن، فإن كانا في الشن فلا؛ لأن الشن كله موضع الإصابة.
ولو رمى أحدهما سهماً، فوقع بقرب الشن، ثم رمى الثاني، فوقع أبعد، ثم رمى البادئ فوقع أبعد من الثاني-: فالأول يسقط الثاني، والثاني يسقط الثالث، ولو رمى أحدهما خمسة، فوقعت كلها بقرب الغرض، وبعضها أقرب من بعض، ثم رمى الثاني خمسة، فوقعت كلها أبعد من الخمسة الأولى تسقط الخمسة الثانية بالخمسة الأولى، ولا يسقط من الخمسة الأولى شيء، وإن كان بعضها أقرب من بعض؛ لأن قريبه يسقط بعيد صاحبه لا بعيد نفسه، وكان هذا ناضلاً بأخذ السبق؛ لأنه فضل بخمسة قريبة من الغرض، وإن رميا سهمين، فكانا سواءً في القرب من الشن- لم يسقط أحدهما الآخر، وإذا سقط بعض السهام أسفل الغرض، وبعضها من جانبيه، وبعضها من فوقه: قال الشافعي