وكذلك: لو أراد اليمين على شيء، فسبق إلى لسانه غيره- فلا ينعقد يمينه، ولا كفارة عليه؛ لقول الله - عز وجل-: {لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} قالت عائشة - رضي الله عنها-: لغو اليمين: "لا والله، بلى والله".
وعند أبي حنيفة: لغو اليمين: أن يحلف على أن مقتضى ظنه كذلك؛ فبان بخلافه لنا في هذا قولان؛ بناء على حنث الناسي.
ويصح اليمين على الماضي؛ كما يصح على المستقبل؛ فإن حلف على ماض؛ بأن قال:"والله، لقد كان كذا، ولم يكن كذا"/ وكان صادقاً- لا شيء عليه، وإن كان كاذباً- نظر: إن كان عالماً بالحال- فهو اليمين الغموس، وهي من جملة الكبائر؛ روي عن عبد الله بن عمرو؛ أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال:"الكبائر؛ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس" وعندنا: تجب به الكفارة مع العلم، وإن كان جاهلاً، هل يلزمه الكفارة؟ فعلى قولين؛ بناءً على ما لو حلف على شيء [في المستقبل] ألا يفعله ثم فعله ناسياً، هل تلزمه الكفارة؟ فيه قولان، وعند أبي حنيفة- رحمه الله-: اليمين على الماضي: لا يوجب الكفارة، بل إن كان عالماً فهو كبيرة؛ لا تجب بها الكفارة كسائر الكبائر، وإن كان جاهلاً- فهو يمين اللغو، وربما يقولون: اليمين على الماضي لا تنعقد، والحجة عليهم أن الحكام عن آخرهم [يحلفون] على الماضي، ولو لم تكن منعقدة- لم يكن لتحليفهم معنى، وليس في كونه ماضياً أكثر من أنه آثم به، فتكون أولى بوجوب الكفارة؛ كما أن الله تعالى أخبر؛ أن الظهار قول منكر وزور ثم أوجب ب الكفارة.
فصل في كراهية الحلف
قال الله تعالى:{وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ}[البقرة: ٢٢٤]، اليمين في الجملة مكروهة إلا فيما لله فيه طاعة؛ كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: "والله لأغزون قريشاً، والله لأغزون قريشاً".