الكفارة، ولا الإحرام؛ لأنهما يحرمان الجماع، وما يحرم شيئاً لا يكون سبباً لإيجاب ما يجب بارتكاب ذلك المحرم؛ فتكفيره قبل الفعل يكون تكفيراً قبل وجود السبب، واليمين- ههنا- سبب؛ لأنه لا يمنع الحنث، وجوز أبو حنيفة كفارة القتل وجزاء الصيد بعد الجرح قبل الموت، وإن كفر بالصوم، ولو قال:"أعتقت عبدي عن كفارة يميني، إذا حنثت" يجوز العتق عن الكفارة، إذا حنث، أما إذا قال:"أعتقته عن كفارتي، إذا حلفت"- لا يجوز عن الكفارة؛ لأنه قدم التعليق على اليمين، وفي الصورة الأولى: قدم على الحنث؛ فجاز، ولو قال:"إذا حنثت في يميني غداً- فأنت حر عن/ كفارتي": فإن حنث غداً، عتق عن الكفارة، وإن لم يحنث غداً- لا يعتق العبد؛ لأن الصفة لم توجد، ولو قال لعبده:"انت حر عن كفارة يميني، [إن كنت حنثت]، ثم بان حانثاً- كان حراً عن كفارته؛ وإلا فلا يعتق، قال الشيخ- رحمه الله-: ولو قال: "أنت حر عن كفارتي إن كنت حلفت وحنثت" فبان حالفاً- وجب ألا يجوز؛ لأنه كان شاكاً في وجود اليمين، وفي الصورة الأولى: لم يشك في اليمين، إنما شك في الحنث، والتكفير قبل الحنث جائز، ولو قال: "أنت حر عن ظهاري، إن كنت ظاهرت" فبان مظاهراً- وجب ألا يجوز، ولو أعتق عبداً عن كفارته قبل الحنث، ثم ارتد العبد قبل الحنث، ثم حنث- لم يحسب عن الكفارة؛ كما لو عجل الزكاة، ثم ارتد المدفوع إليه قبل الحول- لم يحسب.
قال الشيخ رحمه الله: وعلى هذا- القياس: لو مات العبد قبل الحنث، ويحتمل في الموضعين أن يحسب كالشاة المعجلة في الزكاة، إذا ماتت قبل الحول، والله أعلم.
كفارة اليمين مخيرة يتخير الحالف بين أن يطعم عشرة من المساكين، وبين أن يكسوهم أو يعتق رقبة: فإن عجز عنها يصوم ثلاثة أيام، فإن اختار الإطعام يجب أن يطعم كل مسكين مداً بمد النبي - صلى الله عليه وسلم وهو رطل وثلث من حب هو غالب قوت البلد، ولا يجوز