وكذلك: كل فعل أو قول حلف عليه ألا يفعله؛ مثل: أن حلف لا يأكل كذا، أو لا يكلم فلاناً، أو نحو ذلك، ففعل ناسياً أو مكرهاً- هل يحنث؟ فيه قولان.
ولو حلف ألا يدخل هذه الدار، فانهدمت، إن كانت الأسس باقية، فدخلها- حنث، وإن صارت فضاءً، أو جعلت بستاناً أو مسجداً أو حماماً أو حانوتاً، فدخلها- لم يحنث؛ لأنه زال عنها اسم الدار، فلو أعيدت داراً- نظر: إن أعيدت بغير تلك الآلة فدخلها- لم يحنث؛ لأنها غير تلك الدار.
وإن أعيدت بتلك الآلة، ففيه وجهان:
أحدهما: يحنث؛ لأنها عادت كما كانت.
والثاني: لا يحنث؛ لأنها غير تلك الدار.
وكذلك: لو حلف ألا يدخل هذا البيت، فصار فضاءً، فدخله- لم يحنث، وعند أبي حنيفة: في البيت لا يحنث، كما قلنا، أما الدار إذا صارت فضاءً، فدخلها- حنث؛ لأن العرب تسمي آثار الدار الخربة داراً، ووافقنا أنه لو حلف منكراً، فقال: لا أدخل داراً، فدخل داراً بعدما صارت فضاءً: أنه لا يحنث، فنقيس عليه وعلى ما لو جعلها حماماً، قالوا: لا يحنث بدخولها.
ولو حلف لا يدخل دار فلان، فدخل داراً يسكنها فلان ملكاً- حنث، وإن كان يسكنها بإجارة أو إعارة أو غصب- لا يحنث، إلا أن يريد مسكن فلان، فيحنث، وإن كان لفلان دار لا يسكنها، ويسكنها غيره، فدخلها- حنث، فإن أراد مسكه، لا يحنث، وعند أبي ثور: يحمل قوله: "دار فلان" على المسكن، سواء كان يسكنها فلان بملك أو إجارة أو إعارة أو غصب، وكان شيخي- رحمه الله-/ يقول: إذا قال ذلك بالفارسية- يحمل على المسكن، ولو كان لفلان دار حين حلف الحالف، فباعها، ثم دخلها- لم يحنث؛ لأنه لم يدخل دار فلان، فإن عين وقال: والله، لا أدخل دار فلان هذه؛ فباعها فلان، ثم دخلها- حنث؛ لنه عقد اليمين على عين الدار، إلا أنه أضافها إلى الملك فزوال الملك لا يسقط الحنث، وكذلك: لو حلف لا يكلم عبد فلان هذا، أو زوجة فلان هذه، فكلمه بعدما باعه أو طلقها- حنث، إلا أن تكون نيته ما دامت الدار أو العبد [في][ملكه] أو الزوجة في نكاحه؛ فلا يحنث بعد زوال الملك والنكاح، وعند أبي حنيفة: في الدار لا يحنث، إذا دخلها بعد زوال