للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأبدان، وهي رءوس النعم، فإن أكل رأس طير أو صيد أو حوت- لم يحنث؛ لأنها لا تباع منفردة، فإن كان في بلد يفرد فيه رءوس الظباء والصيود ورءوس الحيتان، فيشوى- يحنث هناك بأكلها، وهل يحنث بأكلها في سائر البلاد؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا يحنث؛ لأنه يعتبر لكل بلد عرفهم.

والثاني: يحنث؛ لأن ما ثبت به العرف في مكان- وقع به الحنث في جميع المواضع، كما لو حلف لا يأكل الخبز يحنث بخبز الأرز، وإن لم تجر عادتهم بأكله.

ولو حلف لا يأكل البيض، فلا يحنث إلا ببيض يزايل بائضه وهو حي كبيض الدجاجة والحمامة والنعامة والأوز والطيور؛ لأنها تؤكل وتباع مفردة، ولا يحنث بما لا يزايل بائضه؛ كبيض السمك والجراد.

ولو حلف لا يأكل اللحم- حنث بأكل لحم النعم والوحوش والطيور، ولا يحنث بأكل لحم السمك إلا أن يريده، لأنه لا يطلق عليه اسم اللحم، وإن كان الله تعالى سماه لحماً؛ فقال: {وَمِنْ كُلٍّ تَاكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً} [فاطر: ١٢]؛ كما لو حلف ألا يجلس في ضوء السراج، فجلس في ضوء الشمس- لا يحنث، وإن سماها الله تعالى سراجاً، فقال: {وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً} [النبأ: ١٣]؛ لأن الناس لا يعرفونها سراجاً.

ولو أكل لحم خنزير أو ميتة أو لحم ما لا يؤكل لحمه، هل يحنث؟ فيه وجهان:

أحدهما: وبه قال أبو حنيفة-: يحنث؛ لأن اسم اللحم ينطلق عليه، وإن كان حراماً؛ كما لو أكل لحماً مغصوباً.

والثاني: لا يحنث؛ لأنه يقصد بيمينه الامتناع عما يتعارفه الناس مأكولاً، والميتة لا يتعارفونها مأكولة.

ولو أكل الكرش، أو ما في البطن من الأمعاء والطحال والرئة والقلب والكبد- فيه وجهان:

أحدهما: يحنث؛ لأنه في معنى اللحم.

والثاني- وهو الأصح، والمذهب-: لا يحنث؛ لأن مطلق الاسم لا يتناوله، ويجوز

<<  <  ج: ص:  >  >>