لأن الهبة لا تخلو عن منة، فلو باع ما وهب له، واشترى بثمنه ثوباً، فلبسه- لم يحنث، وقال مالك: يحنث، ولو من عليه رجل، فحلف لا يشرب له ماءً من عطش، فأكل له خبزاً، أو لبس له ثوباً، أو شرب له ماءً من غير عطش- لم يحنث؛ لأن اليمين على شرب الماء من العطش، ولم يوجد.
ولو حلف لا يركب دابة العبد، فركب دابة هي باسم العبد- لا يحنث؛ لأن العبد لا ملك له، إلا أنيريد دابة هي باسمه، فإن ملكه السيد دابة، فركبها: إن قلنا: يملك العبد بالتمليك- يحنث، وإلا فلا، ولو حلف لا يركب دابة المكاتب، فاشترى المكاتب دابة، فركبها- حنث؛ لأن المكاتب ملكها، ولو حلف لا يركب دابة فلان فركب دابة عبده- حنث، فإن كان سيده ملكه دابة، فركبها: إن قلنا: العبد يملك بالتمليك- لا يحنث، وإن قلنا: لا يملك- يحنث، ولو حلف لا يركب سرج هذه الدابة، فركب سرجاً هو مرسوم لتلك الدابة- حنث؛ لأن المقصود من تلك الإضافة التعريف لا الملك، قال الحليمي - رحمه الله-: إذا عقد اليمين على مملوك- انصرف إلى المالك؛ مثل: أن حلف لا يكلم عبد فلان ولا عبد له، فملك، كلمه- حنث؛ لأن المالك كان موجوداً يوم اليمين، وإذا عقد على غير مملوك- انصرف إلى المحلوف عليه، دون المضاف إليه؛ مثل: أن حلف لا يكلم بني فلان، ولا ابن له، فولد له بنون، فكلمهم- لم يحنث؛ لأن المحلوف عليه، لم يكن موجوداً يوم اليمين، ولو حلف، لا يجلس على الحصير، فبسط عليه ثوباً، وجلس عليه- لم يحنث، فإن لم يبسط عليه شيئاً، بل جلس مع [ثياب] بدنه، وإن لم يمس شيئاً من الحصير يحنث.
ولو حلف لا يجلس على البساط، فجلس على الأرض- لا يحنث/ وإن سماها الله تعالى بساطاً؛ فقال:{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ بِسَاطاً}[نوح: ١٩] لأنه لا يطلق عليه اسم البساط في العرف؛ كما لو حلف لا يعلق شيئاً على الوتد، فعلق على جبل- لم يحنث، وقد سماه الله تعالى وتداً، فقال:{وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً}[النبأ: ٧].
إذا حلف لا يأكل الرءوس، ولا نية له، يحمل على الرءوس التي تباع منفردة عن