مختاراً؛ لما علم من وجوب إنظار المعسر- حنث وإن وجب عليه بالشرع ترك ملازمته، كما لو حلف ألا يرد المغصوب، فرد- حنث، وإن وجب عليه الرد بالشرع، فإن منعه الحاكم عن ملازمته، ففارقه- هل يحنث؟ فيه قولان؛ كالمكره، ولو استوفى حقه، وفارقه، ثم وجده زيوفاً- نظر: إن كان ما أخذ غير حقه، غير أنه أردأ- لم يحنث، وإن كان نحاساً أو رصاصاً أو مغشوشاً: فإن كان عالماً به- حنث وإن كان جاهلاً- فعلى قولي حنث الناسي، ولو أحاله الغريم على إنسان، فقبل وفارقه، أو أحال الحالف غيره بماله عليه- فقد قيل: إن قلنا: الحوالة استيفاء- لم يحنث، وإن قلنا: معاوضة- حنث، وقيل- وهو المذهب-: يحنث قولاً واحداً، سواء جعلناها استيفاءً أو معاوضة؛ لأنها استيفاء من طريق الحكم، لا من طريق الحقيقة، إلا أن يريد بيمينه أنه لا يفارقه، وعليه شيء من حقه؛ فلا يحنث إذا فارقه بعد قبول الحوالة، وكذلك: لو أخذ عن حقه عوضاً، ففارقه- يحنث، سواء كانت قيمة ما أخذ قدر حقه أو أكثر أو أقل؛ لأنه لم يستوف حقه؛ إلا أن يريد [به] أنه لا يفارقه وعليه شيء من حقه، فلا حكاية [وما نقل المزني: [إن] كان قيمته أقل من حقه- يحنث] مذهب مالك، وعندنا: لا فرق بين أن يكون قيمته أقل أو أكثر فإن كان يمينه على عين حقه، فيحنث بكل حال، وإن كان على البراءة- بر بكل حال، سواء كانت قيمته أقل من حقه أو أكثر ولو تبرع إنسان فأدى ذلك الدين عن الغريم، فأخذ وفارق- نظر: إن كان الحالف قد قال: حتى استوفي حقي منك- حنث؛ لأنه لم يستوف منه، وإن كان قال: حتى أستوفي حقي- لم يحنث، وكذلك: لو استوفى الحق من وكيل الغريم.
ولو قال من عليه الحق:"والله، لا أفارقك حتى أدفع إليك مالك"، فوهبه له صاحب الحق- نظر: إن كان عيناً، فوهبها له وقبلها- حنث؛ لأنه منع نفسه من البر بقبوله، وإن كان ديناً، فأبرأه: إن قلنا: إن الإبراء يحتاج إلى القبول- فكذلك، وإن قلنا: لا يحتاج إلى القبول- فعلى الاختلاف في حنث المكره، لو حلف من عليه الحق، وقال: لا تأخذ، أو لا تستوف مالك علي، فأخذ منه- حنث، سواء كان المعطي مكرهاً أو مختاراً، ولو أكره الآخذ عىل الأخذ- فعلى قولي حنث المكره، ولو قال: لا أعطيك حقك، فأعطى ناسياً