وإن كان فقيراً لا كفاية له، فنرجو أن يكون بسبب القضاء له كفاية من بيت المال لم يكره له الدخول فيه لأنه يكتسب الكفاية بسبب مباح.
وإذا ولى الإمام رجلاً قضاء بلد كتب له كتاب العهد، وذكر فيه ما يحتاج إليه القاضي أن يتولاه، فإن النبي- صلى الله عليه وسلم- كتب لعمرو بن حزم حين بعثه إلى "اليمين" والخلفاء من بعده كانوا يكتبون لمن ولوه.
ثم إن كان البلد بعيداً، أشهد على التولية شاهدين، وقرأ عليهما كتاب العهد، والشاهدان يخرجان معه؛ فيشهدان بذلك.
وإن كان البلد قريباً؛ ينتشر الخبر إليه، ويستفيض قبل قدومه- فهل يجب الإشهاد، أم لا؟ فيه وجهان:
قال أبو إسحاق: يجب الإشهاد.
وقال الإصطخري: لا يجب، ويثبت بالاستفاضة. هذا كما لو اختلفوا في النكاح، والعتق، والوقف هل يثبت بالاستفاضة، أم لا؟
وإذا أراد القاضي الخروج، سأل من كان في هذا البلد من أهل ولايته عن حال البلد، على علم بحال البلد وأهله.
ويستحب: أن يدخل [البلد] يوم الاثنين؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- دخل المدينة يوم الاثنين.
ويستحب: أن ينزل وسط الولاية، وفي وسط البلد؛ ليتساوى الناس في القرب [منه] فإذا دخل أمر منادياً، ينادي: ألا إن فلان بن فلان حضر قاضياً؛ فاحضروا لسماع العهد. فإذا اجتمعوا، قرأ عليهم العهد، وقعد للقضاء.
ويجلس للحكم في مكان بارز للناس؛ يراه كل أحد، لا يكون دونه حجاب، إلا أن يزدحم الناس عليه؛ فيجعل بينه وبينهم حجاباً ونواباً تدخل عليه الخصوم؛ على الترتيب، ويوصيه بذلك.