والمتولي للأحكام هو القاضي، ويكون والياً من جهة الإمام.
وإذا لم يكن من يصلح للقضاء إلا واحداً، يجب على الإمام أن يوليه، ويجبره عليه. ويجب عليه أن يطلبه؛ لأنه فرض تعين عليه، وإن كان هناك من يصلح للقضاء غيره، يختار الإمام أفضلهم، وأورعهم، وقلده القضاء؛ فإن قلد غيره ممن هو دونه، ولكنه صالح للقضاء، جاز.
ولو امتنعوا جميعاً عن الدخول فيه، أثموا؛ كما لو تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهل يجوز للإمام أن يجبر واحداً منهم على الدخول فيه، أم لا؟ فعلى وجهين:
أحدهما: لا يجوز؛ لأنه فرض على الكفاية، فلو أجبرناه عليه التحق بفرض العين.
والثاني: يجوز؛ لأنا لو تركناهم، لتعطل أمر القضاء.
وهل يستحب لمن يصلح للقضاء طلب القضاء، أم لا؟
نظر: إن كان هناك من هو أصلح منه، يكره له الطلب. فإن كان الأصلح لا يتولاه، فيستحب له الطلب، وإن لم يكن الآخر أصلح منه، بل كان دونه يستحب له الطلب إذا علم من نفسه القيام بحقوقه.
وإن كان الآخر مثله؛ نظر: إن كان عالماً حامل الذكر، وإذا تولى القضاء اشتهر، وانتشر علمه- يستحب له الطلب، وإن كان مشهوراً فإن كانت له كفاية يكره له الدخول فيه؛ لما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: "من جعل قاضياً فقد ذبح بغير سكين".