للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن كان مخالفاً لقياس خفي لا ينقضه، إلا أنه لا يتبع قضاء من كان قبله ما لم يرفع إليه، فإذا رفع إليه نقضه إذا كان مخالفاً للدليل، وله أن ينقض قضاء نفسه؛ وإن لم يرفع إليه.

وقال الشيخ أبو حامد: يجوز أن يتتبع قضاء في من قبله، من غير أن يرفع إليه.

أما إذا كان القاضي قبله ممن لا يصلح للقضاء ينقض أحكامه كلها؛ أصاب أم أخطأ؛ لأنه حكم ممن لا يجوز له القضاء. وإذا وقع حكم الحاكم مخالفاً للقياس الجلي نقضه.

وإن كان مخالفاً لقول بعض أهل العلم عندنا؛ حتى قال الشافعي: لو حكم حاكم بفراق امرأة المفقود، أو بوقوع الفرقة في اللعان بأقل من خمس كلمات، أو سقوط الحد عمن وطئ الأم بالنكاح ينقض قضاؤه.

وعند أبي حنيفة: إذا كان حكمه موافقاً لقول بعض أهل العلم لا ينقض، ثم ناقض؛ فقال: إذا قضى بالشاهد الواحد، ويمين المدعي، أو بدأ في القسامة بيمين المدعي، أو حكم ببطلان السعاية في عتق الشريك- قال: ينقض قضاؤه.

فصل فيما على القاضي في الخصوم

روي عن علي - عليه السلام- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر".

وكتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري: آس بين الناس في مدخلك ومجلسك، ولحظك ولفظك، ولا تكن بحيث يطمع الشريف في حيفك، وييأس الضعيف من عدلك.

يجب على القاضي أن يسوي بين الخصوم في المدخل والنظر إليهم، ولا يخص أحد الخصمين بالنظر إليه، وطلاقة الوجه. فإذا دخلا وسلما أجابهما، وإن سلم أحدهما لا يجيب حتى يسلم الآخر؛ فيجيبهما؛ حتى لا يقع في قلب الآخر أنه يميل. ولا بأس أن يقول ل للآخر. سلم فإذا سلم أجابهما. ويسوي بينهما في المجلس، [فلا يجلس] أحدهما بجنبه، والآخر بين يديه، وإن كان أحدهما شريفاً والآخر وضيعاً، بل يجلسهما بين يديه؛

<<  <  ج: ص:  >  >>