للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا ينبغي أن يتخذ شهوداً معينين لا تقبل شهادة غيرهم؛ لأنه فيه تضييق الأمر على الناس.

وإذا شهد عند القاضي شاهد علم عدالته قبل شهادته، وإن علم فسقه لم يقبل شهادته؛ فيعمل في العدالة والفسق بعلمه، ولا يجب تعديله بعد علمه؛ وإن سأل الخصم.

وعند أبي حنيفة: إذا سأل الخصم عليه، [وجب] تعديله، وإن كان عنده عدلاً.

وإن خفي على الحاكم عدالته، فلا يحكم بشهادته؛ حتى تثبت عنده عدالته.

ويكتب في معرفته إلى المزكين. وإن جهل إسلامه لا يعمل في إسلامه بظاهر الدار؛ كما يعمل في إسلام اللقيط؛ لأن أعرابياً شهد عند النبي- صلى الله عليه وسلم- برؤية الهلال، فلم يحكم بشهادته؛ حتى سأل عن إسلامه.

ولأنه يتعلق بشهادته إيجاب حق على غيره؛ فيرجع في إسلامه إلى قوله؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- رجع إلى قول الأعرابي في الإسلام.

وإن جهل حريته، فهل يثبت بقوله؟ فيه وجهان:

أحدهما: يثبت؛ كما يثبت الإسلام بقوله.

والثاني: لا يثبت؛ لأن الكافر يملك الإسلام بنفسه؛ فيقبل إقراره به، والعبد لا يملك الحرية بنفسه؛ فلم يقبل إقراره بها.

ثم إذا ثبت إسلامه وحريته، ففي العدالة لا يعتمد قوله.

ويكتب إلى المزكين، وإذا كتب إلى المزكين يكتب اسم الشاهد، وكنيته، واسم أبيه وجده؛ لأنه قد يكون معروفاً بالكنية والجد، ويكتب حليته وصنعته ومسكنه ومصلاه وسوقه؛ لئلا يشتبه بغيره.

وإن كان معروفاً كتب بقدر ما يعرفه ويذكر المشهود له، والمشهود عليه، وقدر المال الذي يشهد به؛ لأنه قد يكون عدواً للمشهود عليه؛ فلا يقبل شهادته عليه، وقد يكون شريكاً للمشهود له؛ فلا يقبل شهادته له، وقد يكون المال كثيراً؛ فيحتاط فيه أكثر مما يحتاط في القليل؛ كما يغلظ فيه اليمين؛ فيكتب جميع هذه الأشياء؛ حتى يحتاط المزكى فيه. ثم المزكي يسأل عن حاله جيرانه وأهل حرفته، ومن عامله، وصاحبه في السفر، ولا يسأل أحداً عن حاله؛ حتى يخبره بالمشهود له وعليه، وبقدر ما شهد به من المال.

<<  <  ج: ص:  >  >>