وعند أبي حنيفة: لا يجوز القضاء على الغائب، إلا أن يكون له اتصال بالحاضر؛ بأن يكون له نائب حاضر، أو قال: لي على فلان الغائب كذا، وهذا الحاضر كفيل، أو أحالني على هذا، أو باع فلان الغائب شقصاً من هذا الحاضر؛ وأنا شفيع، أو أدعت المرأة النفقة على زوجها الغائب، وقالت: لي على هذا الحاضر دين ونحو ذلك.
والحجة عليه: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال لهند:"خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف". وكان ذلك قضاء على زوجها: أبي سفيان؛ وهو كان غائباً.
وإذا قضى على غائب بمال، فإن كان للغائب مال حاضر أدى حقه منه، وإن لم يكن كتب بمسألة المدعي إلى قاضي البلد الذي الخصم به؛ أنه حضر قبلي فلان بن فلان الفلاني في يوم كذا في شهر كذا من سنة كذا، وادعى على فلان بن فلان الغائب ببلد كذا، وأقام عليه بينة؛ فسمعت شهادتهم وعدلتهم وحلفته، وحكمت له بالمال؛ فإذا أتاك كتابي [هذا] فامض فيه على موجب الشرع، ويقرأ كتابه على شاهدين ويشهدهم على حكمه، أو يأمر من يقرؤه بين يديه؛ وهو مقر به، ويشهدهم عليه.
ويستحب: أن ينظر الشاهدان في الكتاب حالة القراءة؛ حتى لا يحرف منه شيء، فإن لم ينظر أجاز؛ لأنهما يؤديان ما سمعا، ويختم كتابه ويشهدهم عليه.
ولو أمرهم بكتابة أسمائهم في الكتاب فحسن، وختم الكتاب مستحب؛ فلو لم يختم، جاز.
وعند أبي حنيفة: لا يجوز إلا مختوماً، ولو لم يقرأ الكتاب على الشهود، بل دفع إليهم كتاباً مختوماً، وقال: اشهدوا أن هذا كتابي- فلا يجوز.
وعند أبي حنيفة: يجوز.
ولا يجب كتابة أسامي الشهود الذين شهدوا بالحق في الكتاب، وثبوت عدالتهم عند القاضي الكاتب كاف؛ فيكتب: ثبت عندي بشهود عدول كذا. فإن لم يثبت عدالتهم، فيكتب أسماءهم؛ حتى يكشف المكتوب إليه عن أحوالهم.