سلمت للمدعي كتب ليبرئ الكفيل، ويرد الثمن، وإلا فالبيع صحيح؛ يدفع الثمن إلى المدعى عليه.
ويجوز القضاء على الغائب في غير العقوبات، ويقبل فيه كتاب القاضي إلى القاضي. وهل يجوز القضاء على الغائب في العقوبات؟ نظر: إن كان من حدود الله- تعالى- مثل: حد الزنا، والشرب، وقطع السرقة؟ فيه قولان:
أحدهما: يجوز؛ كما في الأموال.
ثم يكتب إلى قاضي البلد الذي به المشهود عليه؛ حتى يحده.
والثاني: لا يجوز؛ لأن الحدود يحتاط لدرئها.
وإن كان من حقوق العباد؛ كالقصاص، وحد القذف- فالمذهب: أنه يجوز القضاء فيه على الغائب؛ لأن مبنى حقوق العباد على الضيق.
وخرج قول من حدود الله: أنه لا يجوز؛ لأنه يندرئ بالشبهة.
وكما يجوز للقاضي أن يكتب إلى قاض آخر في القضاء المبرم لتنفيذه؛ وهو أن يكتب بعدما سمع بينة المدعي وحلفه وحكم، يجوز أيضاً أن يكتب في غير المبرم، وهو أن يسمعبينة المدعى ولا يحلفه، ويكتب إلى قاضي بلد الخصم"؛ ليحكم به، ويقبل الكتاب في القضاء المبرم لتنفيذه، وإن كانت المسافة قريبة.
أما في غير المبرم: فتقبل في مسافة القصر، ولا تقبل في مسافة لو خرج بكرة أمكنه أن يأتي أهله ليلاً وفيما بينهما؟ وجهان؛ كالشهادة على الشهادة. والفرق بين القضاء المبرم حيث قبلنا فيه الكتاب على قرب المسافة ولم نقبل في غير المبرم-: أن الحكم قد نفذ في المبرم، وربما لا يمكنه إقامة الشهود عند القاضي الثاني مرة أخرى وقد يختلف اجتهادهما؛ فيكون فيه نقض القضاء بالاجتهاد.
وفي غير المبرم لم يقبل؛ لأن المدعي يمكنه أن يدعو لحمل الشهود إلى القاضي الآخر؛ ليشهدوا عنده، ولذلك لم تقبل شهادة شهود القرع على قرب المسافة بينهم وبين شهود الأصل؛ لأنه يمكنه حمل شهود الأصل إلى القاضي ليشهدوا إذا لم يكن لهم عذر من مرض ونحوه.
وكذلك إذا كان في بلد قاضيان؛ حيث جوزنا [أن يقبل] كتاب أحدهما إلى الآخر