وإن أرادوا التخلف في موضع فيه قاض وشهود، فلهم فيه طريقان: فإن شاء كل واحد من الشاهدين أن يشهد على شهادته شاهدين يشهدان على شهادتهما بين يدي القاضي المكتوب إليه بقضاء القاضي فلان: لفلان على فلان كذا وإن شاءوا حملوا الكتاب إلى قاضي البلد الذي يتخلفون فيه، ويشهدون عنده على حكم القاضي الكاتب؛ فهو يمضيه، ويكتب إلى قاضي بلد الخصم. هذا إذا ادعى على غائب ديناً.
فإن ادعى على غائب عيناً؛ نظر: إن كانت حاضرة، سلمها إليه بعد إقامة البينة والتحليف، وإن كانت غائبة؛ نظر: إن كانت عقاراً سمع البينة وحكم، وكتب: أني حكمت لفلان بن فلان على فلان بدار، أو أرض في بلدك؛ موضعها كذا وكذا. وإن كان منقولاً، هل تسمع الدعوى والبينة؟ فيه قولان:
أحدهما: تسمع؛ وبه قال أبو يوسف، وابن أبي ليلى؛ كما في العقار.
والثاني- وبه قال أبو حنيفة-: لا تسمع؛ لأنه يتغير، ويختلط؛ فلا يمكن الوقوف عليه.
فإن قلنا: تسمع، هل يقضي؟ فيه قولان:
أحدهما: يقضي؛ كما في العقار.
والثاني: لا يقضي؛ بل بعد سماع البينة وتعديلها، يكتب إلى قاضي بلد الخصم والمال ثم المكتوب إليه بعد ما أتاه الكتاب له طريقان:
أحدهما: أن ينتزع العين من يد من هي في يده، ويختم عليها. وإن كان عبداً جعل في عنقه قلادة، ووضع عليها ختمه، ودفعه إلى المدعي وكفله، وبعثه إلى القاضي الكاتب؛ حتى يشهد الشهود على عينه.
فإن سلمت العين له، كتب ببراءة الكفيل، وإلا كلف المدعي رد العين، ومؤنة رد العين، وأجر مثل مدة الحيلولة؛ وبه قال أبو يوسف.
وقال الشافعي: ومنعني من هذا: أنها إن كانت جارية لا يؤمن أن يطأها المدعي، ولأنه يؤدي إلى الحيلولة بين المالك وملكه.
والطريق الثاني: أن القاضي المكتوب إليه ينزع العين من يد المدعى عليه، ويبيعها من المدعي، ويضع الثمن على يد عدل، أو يكلفه، أو يبيعه إلى القاضي الكاتب. فإن