للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن قلنا: بمنزلة الإقرار، لا تسمع دعواه عليها، وليس له تحليفها؛ لأن أقصى ما فيه أن يقر، أو ينكل؛ فيحلف المدعي؛ فيكون كالإقرار، ولا فائدة له في إقرارها.

وإن قلنا: بمنزلة البينة، له تحليفها، وإن حلفت لا شيء عليها، وإن نكلت حلف المدعي، وأخذ المهر. ولا ينفسخ نكاح من أقرت له؛ لأن النكول ورد اليمين كالبينة في حق المتداعيين، لا في حق غيرهما.

ولو أقرت للمدعي، أو قالت: كنت زوجة لك؛ فطلقتني، فهو إقرار له بالنكاح، يقضي أنها زوجته.

وإذا ادعت المرأة الطلاق حلف؛ أنه لم يطلقها.

أما المرأة إذا ادعت على رجل؛ أنه نكحها؛ نظر: إن كانت تطلب حقاً لها؛ بأن قالت: نكحتني فعليك المهر، أو النفقة، أو الكسوة، أو بعد موته تدعي الميراث- تسمع دعواها.

وإن لم تكن تطلب شيئاً منها، ولكن ادعت محض الزوجية- ففيه وجهان:

أحدهما: لا تسمع دعواها؛ لأن بإنكاره يرتفع النكاح، فلا معنى لدعواها؛ ولأن النكاح حق الزوج، ودعوى المرأة إقرار له، ولا معنى للإقرار مع إنكار المقر له.

والثاني: تسمع؛ لأن النكاح في نفسه مقصود يتضمن حقوقاً، وفائدته: أنه إذا نكل، تحلف المرأة، وتستحق المهر والنفقة؛ فحيث قلنا: يسمع، فإذا أنكر الرجل، فالقول قوله مع يمينه، وإذا حلف لا شيء عليه، وله أن ينكح أربعاً سواها وأختها، وليس عليه نفقة لها، وليس لها أن تنكح ما لم يطلقها المدعي عليه، أو يموت، أو يعسر؛ فينفسخ النكاح بسبب الإعسار.

وإن كان موسراً، ولكنه لا ينفق عليها؛ لإنكاره الزوجية- فهل لها أن تفسخ النكاح؟ فيه وجهان؛ بناء على أن الموسر إذا امتنع من الإنفاق، هل للمرأة فسخ النكاح؟ فيه وجهان.

وإذا أنكر الزوج النكاح، ثم قال بعد ذلك: هي صادقة يقبل؛ كما لو ادعى الزوج أنه راجعها؛ فكذبته؛ ثم قالت: صدق- قبل، وتثبت الرجعة.

ومهما أنكر الزوج النكاح، فلا نكاح بينهما في الظاهر؛ وهل يكون طلاقاً في الباطن؟ فيه وجهان:

أحدهما: يكون طلاقاً ينتقص به العدد، وقد قال الشافعي: لو نكح حر أمة، ثم قال: كنت يوم النكاح واجداً لطول حرة- فرق بينهما بطلقة؛ وهذا يدل على أن إنكاره، ومنع كل واحد منهما عن الآخر- كالطلاق؛ فعلى هذا: يجوز لها أن تنكح زوجاً غيره، كما لو طلقها صريحاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>