فعلى هذا: إن أقام المدعي بينة، أخذها، وإلا حلف المدعي عليه؛ أنه لا يلزمه تسليمها إليه، وإن نكل حلف المدعي، وأخذ. فإن كان يصر على قوله: ليست لي، ولا يحلف- فهو ناكل، يحلف المدعي.
وفيه وجه آخر ثالث: أنه تسلم إلى المدعي؛ لأنه ها هنا مدعياً غيره.
وقيل: إن قال المدعي عليه: ليست هذه لي ولا لك، أو هو لغائب لا أعرفه- هل تنتزع من يد المدعي عليه؟
فعلى الوجهين، ولا تسلم إلى المدعي وجهاً واحداً، إلا بحجة.
ولو قال المدعي عليه: نصف هذه الدار لي، والنصف الآخر لا أدري لمن هو فالنصف له، وفي النصف الآخر الأوجه الثلاثة:
في وجه تترك في يده.
وفي الثاني: يحفظه الحاكم؛ كالمال الضائع.
والثالث: يسلم إلى المدعي.
أما إذا قال المدعي عليه: ليست هذه الدار لي، ولكنها لفلان سماه- نظر: إن كان فلان حاضراً وصدقه، سلمت الدار إلى فلان، وانتقلت الخصومة إليه؛ فالمدعي يدعي عليه العين، فإن كانت له بينة، أقامها، وأخذها وإن لم تكن له بينة، حلف المقر له، وسقطت دعوى المدعي عنه.
وهل له أن يدعي على المقر القيمة؟
فيه قولان؛ بناء على ما لو أقر له بعدما أقر للأول، لا تسلم العين إليه. وهل يغرم له القيمة؟
فيه قولان:
إن قلنا: يغرم، له أن يدعي عليه، ويحلفه؛ رجاء أن يقر، فيغرم.
وإن قلنا: لا يغرم؛ فهذا يبنى على أن النكول، ورد اليمين بمنزلة البينة، أم بمنزلة الإقرار؟
إن قلنا: بمنزلة الإقرار، ليس له أن يحلفه؛ لأن أقصى ما فيه أن يقر، أو ينكل عن اليمين؟ فيحلف المدعي، فيكون كالإقرار، وبالإقرار لا يلزمه شيء.
وإن قلنا: بمنزلة البينة، له أن يحلفه؛ رجاء أن ينكل، فيحلف المقر له، فإن حلف المقر له، سقط حق المدعي عن العين، ويمسك القيمة.