روي عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: دخل علي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أعرف السرور في وجهه. فقال: ألم ترى أن مجزراً المدلجي نظر إلى أسامة وزيد عليهما قطيفة قد غطيا رءوسهما وبدت أقدامهما؛ فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض".
إذا ادعى رجلان، أو أكثر نسب مولود مجهول النسب، أو اشترك رجلان أو جماعة في وطء امرأة؛ فأتت بولد لمدة يمكن أن يكون من كل واحد منهم- فلا يلحق بهم جميعاً، بل يرى معهم القائف؛ فبأيهم ألحقه، يلحق به.
وعند أبي حنيفة: يلحق بهم جميعاً؛ وإن كثروا.
وإن ادعته امرأتان، أو ثلاث، أو أربع، يلحق بهن، ولا يلحق بأكثر منهن.
وعند أبي يوسف: إذا ادعاه رجلان، أو ثلاثة، يلحق بهم، ولا يلحق بأكثر، ولا يعمل بقول القائف عندهم.
والحديث حجة عليه؛ من حيث إن النبي- صلى الله عليه وسلم- أظهر السرور بقول مجزر في أسامة وزيد ولو لم يكن ذلك حقاً، لكان لا يظهر السرور، ولكان يزجره عنه، ويقول: إنك وإن أصبت هاهنا، فربما تخطئ في غيره؛ فيكون في خطئك قذف محصنة، ونفي نسب.
ويشترط: أن يكون القائف مسلماً، عاقلاً، بالغاً- وهل يشترط أن يكون حراً ذكراً؟ فيه وجهان:
المذهب: أنه يشترط؛ كالقاضي.
وفيه وجه آخر: أنه يجوز أن يكون عبداً، أو امرأة؛ وهل يختص ببني مدلج. فيه وجهان:
أحدهم: لا؛ بل هو علم يتعلم، فمن تعلمه، عمل بقوله؛ سواء كان عربياً، أو أعجمياً.
والثاني: يختص ببني مدلج؛ وقد يخص الله- تعالى- قوماً بنوع من العلم والفضائل، لا