ومن الرعاة من له هداية تتبع الأغنام في ظلمة الليل، وهي تلد؛ فيلتقط السخال؛ فيلقيها في وعاء، ثم إذا أضاء النهار، يلقي كل سخلة بين يدي أمها، ولا يخطئ. حتى قال الإصطخري: إذا تنازع رجلان في سخلة، يؤخذ بقول هذا الراعي؛ كما يحكم بقول هذا القائف.
والمذهب: أنه لا يعمل فيه بقول الراعي، ويعمل بقول القائف في نسب الآدمي؛ لشرفه؛ حتى لا يضيع نسبه. ويكتفي بقائف واحد؛ كالقاضي يكون واحداً.
وقيل: يشترط اثنان؛ كالمزكي والمقوم.
والأول أصح.
ويشترط: أن يكون القائف مجرباً معروفاً بالقافة؛ كما لا يصح القضاء إلا ممن عرف بالعلم.
وكيفية تجربته: أن يؤتى بولد معروف النسب مع جماعة من النسوان؛ فيقال له: ألحقه بإحداهن، أو يؤتى بأولاد من نسوة، وبامرأة واحدة؛ فيقال: ألحق ولدها بها من بين الكل؛ فإذا عرفوا إصابته، حينئذ يرجع إليه، ولا يجرب بالأب؛ لأن لحوق الولد بالأب لا يعلم يقيناً؛ فلا تحصل به التجربة.
وإذا مات الوالد أو الولد، هل يرى القائف بعد الموت؟
نظر: إن كان بعد ما تغير لا يرى، وإن كان قبل التغير: فإن كان بعد الدفن لا ينبش، وإن كان قبله وجهان:
قال أبو إسحاق: يرى القائف؛ لأنا لشبه لا تنقطع بالموت.
والثاني: لا يرى؛ لأن القائف قد يلحق بالأشباه الخفية، من: الكلام والحركة، ونحوهما وذلك ينقطع بالموت.
وإذا مات أحد المتداعيين، يرى مع ابنه وأخته أو عمته القائف.
ولو ألحق أحد القائفين الولد بأحد المتداعيين بالأوصاف الظاهرة، وألحقه قائف آخر بالثاني بالأوصاف الباطنة من الخلق ونحوه- فأيهما أولى؟ فيه وجهان: