وإن كان الجاني أبا المكاتب أو ابنه: فله أن يبيع منه بقدر أرش الجناية.
ولو كاتب رجل ثلاثة أعبد كتابة واحدة، وجوزنا، فجنى بعضهم: لا يلزم الباقين شيء من الأرش.
وعند مالك: يتعلق الأرش برقبة الكل، وإذا أقر المكاتب بدين معاملة: يقبل، وإن أقر بدين جناية، هل يقبل؟ فيه قولان:
أصحهما: يقبل صدقه المولى أو كذبه، وهو المذهب، ويؤدي مما في يده كدين المعاملة، وإن لم يكن في يده مال: يباع فيه.
والثاني: لا يقبل؛ لأنه يؤدي من كسبه بلا عوض، فإن قلنا: يقبل- قال الإمام الشيخ رحمه الله: فإن أقر بدين جناية هو أكثر من قيمته: لا يلزم إلا قدر قيمته، ولو أقر بدين معاملة هو أكثر من قيمته: يؤدي الكل من كسبه، فإذا قبلنا إقراره بدين الجناية: فلو عجز قبل أن يؤخذ منه: ففيه قولان:
أحدهما: يباع فيه؛ لأنه أقر في وقت كان إقراره مقبولاً.
والثاني: لا يباع، بل يكون في ذمته حتى يعتق إلا أن يصدقه المولى؛ كما لو أقر بعد العجز؛ لأن بالعجز صارت رقبته للمولى، وقبل العجز: قبلنا فيما في يده.
وقد نص الشافعي- رضي الله عنه- في نظيره على قولين: قال: لو قتل المكاتب عبداً، وقال: كانت قيمته ألفين، وقال سيد المكاتب: كانت ألفاً: ففيه قولان:
أحدهما: يوقف إقراره: فإن أدى الكل قبل العجز: صح، ولا يرجع سيده على سيد المقتول بشيء، وإن عجز قبل الأداء: فعلى سيده الأقل من قيمته أو ألف درهم، ويباع فيه إلا أن يفديه السيد.
وإن أدى ألفاً وخمسمائة، ثم عجز: صح ما أدى، وبطلت الخمسمائة الباقية.
والقول الثاني: صح إقراره وبيع في الألفين؛ إلا أن يفديه السيد بالألفين، أو قيمته، فالألف الثانية يقر به المكاتب، ويكذبه المولى، فجعل فيها قولين عند عجز المكاتب، ولا يقبل إقرار السيد على المكاتب بالجناية، فلو كاتب عبده، ثم أقر أنه كان قد جنى قبل الكتابة: لا تقبل؛ لأن يد المولى قصرت عنه بالكتابة؛ كما لو باعه.
فصل
إذا اجتمع على المكاتب ديون من نجوم الكتابة، وديون المعاملة، وأروش الجنايات للمولى، أو للأجانب، وكلها حالة، وما في يده لا يفي بالكل: فهو كالحر في الحجر عليه