وإن كانت نجوم الكتابة مؤجلة: فله تعجيلها، وتقديمها على سائر الديون، وإن كانت ديون المعاملة مؤجلة: فليس له تعجيلها بغير إذن المولى، وبإذنه قولان؛ كالتبرعات.
والأولى: أن يقدم دين المعاملة؛ لأنه يختص بما في يده، والسيد والمجني عليه يرجعان إلى الرقبة، فإن فضل شيء عن دين المعاملة: قدم حق المجني عليه؛ لأنه يقدم على حق المالك في العبد القن؛ كذلك في المكاتب.
فإن قدم حق السيد، فأدى النجوم: عتق، ودين الأجنبي في ذمته، وإذا حجر عليه الحاكم: قسم ماله بين السيد والغرماء؛ على قدر ديونهم، ولا يقدم البعض على البعض.
وإذا حجر عليه، فهل يحل ديونه المؤجلة؟ فيه قولان:
فإن قلنا: تحل: قسم ماله على الكل.
وإن قلنا: لا تحل: فعلى الديون الحالة.
فإن لم يف ماله بالدين: فلا يعجز بسبب دين المعاملة، وللسيد تعجيزه بسبب النجوم، وللمجني عليه بسبب [دين] الجناية؛ لأنهما يرجعان في الرقبة؛ فإن الرقبة تعود إلى المولى، وأرش الجناية تباع فيه رقبته، فإن عجزه السيد بسبب النجوم: ارتفعت الكتابة، وتباع بسبب دين الجناية، إلا أن يختار السيد الفداء، وإن لم يعجزه السيد، وأراد المجني عليه تعجيزه بسبب الجناية: ليس له تعجيزه بنفسه، بل يرفعه إلى الحاكم حتى يعجزه، فلو أنظره المجني عليه مدة، ثم بدا له أن يعجزه: فله ذلك.
وإذا عجزه السيد بسبب النجوم، وعليه دين معاملة: لا تباع رقبته في دين المعاملة، بل إن كان في يده مال يؤدي به دين المعاملة وإن لم يكن: فيكون في ذمته حتى يعتق، وإن كان دين المعاملة للمولى، هل يسقط بالعجز؟ فيه وجهان:
إن قلنا: لا يسقط، فيحاص الغرماء إن كان له مال؛ وإلا فحتى يعتق.
وإن أعتقه المولى، وأدى المكاتب المال فعتق: لا يصير به السيد مختاراً لدين المعاملة، بل يؤدي من مال إن كان له؛ وإلا فحتى يعتق، والله أعلم.
باب الجناية على المكاتب
إذا جني على المكاتب: لا يخلو: إما إن جني على نفسه، أو على طرفه: