اختلاط تلاميذ أبي حنيفة بالإمام مالك وأخذهم عنه، وكذلك أخذ مالك عن ربيعة الرأي مما قرب بين المذهبين بعض الشيء.
التعريف بالإمام مالك:
هو مالك بن أنس بن أبي عامر وإن كان بعض المؤرخين يرون أن مالكاً وجدوده وأعمامه موالي لبني تميم بن مرة، إلا أن المشهور والمعروف أنه عربي الأصل، وانه منسوب إلى قبيلة ذي أصبح اليمنية، ولد بالمدينة سنة ٩٣ هـ، وتثقف بها ولم يخرج منها طول حياته إلا حاجًا إلى مكة، تعلم الفقه والحديث على علماء أهل المدينة، الذين كان طابعهم الاستدلال بالسنة ولا يتجهون إلى الرأي اتجاه أهل العراق، وكان متأثراً في فقهه بالبيئة التي هو فيها، ومركز المدينة التي بها صحابة رسول الله والمحيطين به، والتي كانت موطن الحديث والسنة.
معاونوه على نشر المذهب:
ومن أشهر تلاميذه الذين عاونوه في نشر مذهبه عبد الله بن وهب المصري، وقد كان أعلم أصحاب مالك بالسنة والأثر، وكذلك عبد الرحمن بن القاسم، وأشهب، وعبد الله بن الحكم؛ وكلهم فقهاء مصريون، بل كانوا عماد المدرسة الدينية بمصر في ذلك العهد، وعملوا على نشر مذهب مالك في بلاد مصر والسودان.
ثالثاً: مذهب الشافعي:
الإمام الشافعي هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع، قرشي من بني طالب، ولد بغزة سنة ١٥٠ هـ، ورحلت به أمه صغيراً يتيماً فقيراً إلى مكة موطن آبائه، حفظ القرآن قبل التاسعة؛ كما حفظ الكثير من الحديث، وكان قوي الذاكرة إلى حد بعيد، ولما شب انتقل إلى البادية، وتعلم فيها لغتها كما تعلم الشعر والأدب، وبرع في فن الرواية، ثم عاد إلى المسجد الحرام، وفيه أخذ علوم الفقه والحديث، وحفظ موطأ الإمام مالك، وكان الشافعي قد قارب على الثلاثين فانتقل إلى اليمن، واشتغل على ولاية نجران، وفي سنة ١٨٤ هـ وشى به إلى الخليفة الرشيد؛ فجيء به إلى بغداد متهماً بتشيعه للعلويين ومناصرته لهم، لكنه قد خرج من هذه التهمة بقوة حجته، وشهادة محمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة الذي كان في حضرة الخليفة، بقي الشافعي بعد ذلك في بغداد، ودرس تعاليم مدرسة أهل الرأي على يد محمد بن الحسن وناظره، وكثيراً ما كان ينتصر لمدرسة الحديث.
مصادر المذهب وأصوله:
وكانت أصول المذهب الشافعي القرآن يعمل بظاهره ما لم يقم الدليل على وجوب صرفه إلى ما يخالف الظاهر، ثم السُّنة المتواترة فالمشهورة، حتى خبر الواحد الثقة، ولو لم