للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكن مشهوراً؛ كما اشترط الأحناف، ولا موافقاً لعمل أهل المدينة؛ كما يقول مالك، ثم الإجماع، ثم القياس بشرط أن يكون له أصل من الكتاب والسنة، وهو لم يتوسع في القياس كما توسع الأحناف، بل روى أنه ذهب إلى بطلان الأخذ بالاستحسان، وقال: من استحسن فقد شرع، ولم يعمل بالقياس إلا إذا كانت علته منضبطة، وأنكر الاحتجاج بعمل أهل المدينة، ولم يأخذ بقول الصحابي، ورد المصالح المرسلة، ولم يأخذ بالحديث المرسل إلا إذا كان لسعيد بن المسيب، وكان متفقاً على صحته، مع أن مالكاً والأحناف أنفسهم يأخذون بها، وهاجم أبا حنيفة ومالكاً في عدم أخذ الأول بخبر الواحد، واشتراط الثاني للأخذ به أن يكون موافقاً لعمل أهل المدينة، وقد بيَّن الشافعي أصول مذهبه في كتاب "الأم"، فيقول: "الأصل قرآن وسنة، فإن لم يكن فقياس عليهما، وإذا اتصل الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وصح الإسناد به - فهو المنتهى، والإجماع أكبر من الخبر المفرد، والحديث على ظاهره، وإذا احتمل المعاني فما أشبه منها ظاهره أولاها به، وإذا تكافأت الأحاديث فأصحها إسناداً أولاها، وليس المنقطع بشيء ما عدا منقطع ابن المسيب، ولا يقاس أصل على أصل".

تلاميذ الشافعي وعدم مخالفتهم له:

وكان للشافعي أتباع ومريدون درسوا عليه، ونهجوا منهجه وتشبعوا بطريقة بحثه واستنباطه، وعملوا على نشر مذهبه، ومن أشهر تلاميذه في مصر يوسف بن يحيى البويطي الذي خلف إمامه في رياسة دروسه، وهو من بويط من قرى بني سويف، وإسماعيل بن يحيى المزني، وقد كان أقدر أصحاب الشافعي على المناظرة، وأكثر من دون في المذهب، والربيع المرادي، ومن الملاحظ أن تلاميذ الشافعي كانوا يتبعون إمامهم فلا يخالفونه في آرائه، اللهم إلا المزني، وفي حالات نادرة، بخلاف ما لاحظناه قبل بالنسبة لتلاميذ المذهبين السابقين، وخصوصاً تلاميذ أبي حنيفة الذي كان من طبيعة مذهبهم الاتساع في الأخذ بالرأي.

أتباع الإمام أحمد بن حنبل:

كان للإمام أحمد بن حنبل أتباع كثيرون شأنه شأن الأئمة والفقهاء غيره، وقد التف هؤلاء الأتباع حول ابن حنبل يتلقون عنه العلم، وينشرون مذهبه، بل يرجع إليهم الفضل الأول في تدوين آراء الإمام أحمد؛ إذ بسبب تلاميذه وأتباعه، كان لابن حنبل شأن كبير يذكر ضمن الفقهاء.

ومن أتباعه - رضي الله عنه - ابناه: صالح، وعبد الله؛ حيث نشر صالح فقه أبيه، واعتنى عبد الله بمسند أبيه الذي جمع فيه الإمام أحمد الأحاديث الصحاح ورتبتها وبوبها.

وهناك أيضاً: أحمد بن محمد بن هانئ وأبو بكر الأثرم، وعبد الملك بن

<<  <  ج: ص:  >  >>