والثاني: ينتقل، وبطل حق الدراهم؛ حيث لم يبلغ قيمة ما في يده نصاباً، والدنانير في نفسها نصاب، واعتبار نفسها أولى من اعتبار قيمتها. فإن قلنا: تنتقل الزكاة إلى الدنانير، فمن أي وقت يحسب حول الدنانير؟ فيه وجهان:
أحدهما: من وقت التقويم؛ لأن حول الدراهم بطل عند التقويم.
والثاني: من وقت ما نضت العروض نصاباً من الدنانير؛ لأن ملك العشرين حصل له من ذلك الوقت.
فصلٌ: في بيان الحول
إذا اشترى عرضاً للتجارة بنصاب من أحد النقدين إما بمائتي درهم، وبعشرين ديناراً؛ فابتدأ الحول من يوم ملك تلك الدراهم، أو الدنانير، وحول التجارة ينبني على حول النقد؛ لأن زكاتهما واحد؛ فإن وجوب الزكاة في النقدين بكونهما مرصد للتجارة، فليس صرفهما في التجارة إلا جعلهما مبهمة بعد ما كانا معينة؛ فهو كما لو أقرض دراهم من مليء. وكذلك لو كان له في ذمة إنسان نصاب من أحد النقدين، وقلنا: تجب الزكاة في الدين؛ فاشترى منه به عرضاً للتجارة - ينبني حول التجارة على حول الدين، وكذلك لو كانت له سلعة للتجارة؛ فباعها بنصاب من أحد النقدين بنية القنية انبنى حول النصاب على حول التجارة في وجوب الزكاة. أما إذا اشترى بأقل من نصاب من أحد النقدين، أو بعرض من ثوب، أو متاع عرضاً للتجارة- ينعقد الحول من يوم الشراء.
ولو اشترى بنصاب من السائمة عرضاً للتجارة، فالمذهب: أن حول التجارة يكون من وقت الشراء، وينقطع حول السائمة، ولا ينبني حول التجارة على حول السائمة؛ لأن زكاتهما مختلفة، وزكاة النقد والتجارة متفق؛ وهو ربع العشر؛ ولأن زكاة التجارة في القيمة، والقيمة تكون في النقدين.
وقال الإصطخري: ينبني حول التجارة على حول السائمة؛ لأن الشافعي قال: ولو اشترى عرضاً للتجارة بدراهم، أو دنانير، أو بشيء يجب فيه الصدقة من الماشية - لم يقوم العرض؛ حتى يحول الحول من يوم أفاد الثمن، والمراد من النص عند الآخرين: أن يملك الماشية؛ فكما ملكها صرفها إلى عرض التجارة؛ فلا يكون بين ملك الماشية، وشراء العرض فضل.
ولو اشترى عرضاً للتجارة بنصاب من أحد النقدين في الذمة، وله مائتا درهم أو عشرون ديناراً نقدها في ثمنه ينقطع حول النقد، وينبني حول التجارة من يوم الشراء؛ لأن هذه الدراهم والدنانير لم يتعين الصرف فيها؛ سواء نواه، أو لم ينوه.