ولو ملك رجل نصاباً من أحد النقدين؛ فبادله بجنسه، أوبادل الدراهم بالدنانير - نظر: إن لم يكن الرجل صيرفياً بعقد نية التجارة، ينقطع الحول، وإن كان صيرفياً بادله بنية التجارة، فهل ينقطع الحول؟ فيه قولان:
قال في القديم: وبه قال أبو حنيفة: لا ينقطع الحول؛ كما لو اشترى بها عرضاً للتجارة.
وقال في الجديد: ينقطع الحول، ويبتديء الحول على ما اشترى؛ لأن التغابن لا يجري في مبادلة النقد بالنقد، ولا يكثر الربح فيه، والتجار لا يعدونه من باب التجارة، ولا يطلبونبه الربح؛ فهو كما لو بادله لا بنية التجارة؛ ولأن السلعة بيع للدراهم والدنانير في التجارة؛ بدليل أنه يقوم السلعة بها، فجاز أن ينبني حولها على حول الأصل. أما النقود فلا يتبع بعضها بعضاً؛ فلا ينبني حول بعضها على بعض.
"فصلٌ: في التقويم"
زكاة التجارة تجب في القيمة، وبماذا يقوم ماله في آخر الحول؟ لا يخلو: إما أن يكون أصل ماله الذي اشترى به مال التجارة من جنس النقدين، أو لم يكن: فإن كان من جنس النقدين؛ لا يخلو: إما أن كان نصاباً، أو لم يكن؛ فإن كان نصاباً؛ مثل: أن اشترى بمائتي درهم، أو بعشرين ديناراً عرضاً للتجارة - يقوم في آخر الحول بجنس ما اشترى، فإن بلغ نصاباً أخرج الزكاة، وإلا فلا زكاة عليه. وإن كان الجنس الآخر هو نقد البلد، ولو قوم به بلغ نصاباً؛ فلا ينظر إليه؛ حتى لو اشترى بمائتي درهم عرضاً، فكان في آخر الحول في يده عشرون ديناراً يقوم بالدراهم؛ كالعرض. فإن بلغت قيمتها نصاباً من الدراهم زكى من الدراهم، وإن لم تبلغ فلا زكاة عليه.
ولو باع العرض بعد الحول بالدنانير، يقوم العرض بالدراهم لا الدنانير؛ لأنه كان في يده يوم حلول حول العرض، وفي منقول المزني - رحمه الله - خلل. فإن كان رأس ماله أقل من نصاب من أحد النقدين؛ بأن اشترى بمائة درهم أو بعشرة دنانير، ففي آخر الحول ماذا يقوم؟ فيه وجهان:
أحدهما: يقوم بجنس ما اشترى؛ كما لو اشترى بنصاب منها.
والثاني: يقوم بنقد البلد؛ كما لو اشترى بعرضٍ؛ لأن ما دون النصاب كالعرض في أنه لا زكاة فيه.