للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيَحْتَاجُ الرَّبُّ - عز وجل - أَنْ يَضَعَ مُحَاسَبَةَ العِبَادِ عَلَى كِتَابِ عِلْمِهِ، [٢٤/و] وَأَقْضِيَةٍ يَحْكُمُ بِمَا فِيهِ بَيْنَهُمْ؟ وَلَا أَرَاكَ مَعَ كَثْرَةِ جَهْلِكَ إِلَّا وَسَتَعْلَمُ أَنَّكَ احْتَجَجْتَ بِبَاطِلٍ، جَعَلْتَهُ أُغْلُوطَةً تُغَالِطُ بِهَا أَغْمَارَ النَّاسِ وَجُهَّالَهُمْ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «آتِي بَابَ الجَنَّةِ فَأَقْرَعُهُ فَيُفْتَحُ لِي، فَأَرَى رَبِّي وَهُوَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، فَيَتَجَلَّى لِي فَأَخِرُّ سَاجِدًا» (١).

فَهَلْ يَجُوزُ لَكَ فِي تَأْوِيلِكَ أَنَّهُ يَأْتِي رَبَّهُ وَهُوَ عَلَى عِلْمِهِ؟ إِذْ ادَّعَيْتَ أَنَّ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الكُرْسِيَّ غَيْرُ العِلْمِ أَكْذَبَهُ القُرْآنُ بِمَا رَوَيْتَ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يُخْبِرُ عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَعَنْ نَفْسِهِ خِلَافَ مَا رَوَيْتَ فِيهِ.

فَكَيْفَ تَحِيدُ عَنْ هَذَا المَشْهُورِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى المَغْمُورِ عَنْهُ إِلَّا مِنْ ظِنَّةٍ وَرِيبَةٍ؟.

وَأَمَّا قَوْلُكَ: مَنْ ذَهَبَ فِي الكُرْسِيِّ إِلَى غَيْرِ العِلْمِ أَكْذَبَهُ كِتَابُ الله.

وَيْلَكَ! وَأَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ الله تُكَذِّبُهُ؟ أَأُنزِلَ عَلَى غِيَاثٍ اليَهُودِيِّ فِي تَكْذِيبِهِ آيَةً لَمْ تَنْزِلْ عَلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -؟!

وَيْلَكَ! وَهَلْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ نِسَاءِ المُسْلِمِينَ وَصِبْيَانِهِمْ إِلَّا وَقَدْ عَقِلَ أَمْرَ العَرْشِ وَالكُرْسِيِّ، وَآمَنَ بِهِمَا إِلَّا أَنْتَ وَرَهَطُكَ؟ وَلَيْسَ العَرْشُ وَالكُرْسِيُّ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُسْنَدَ فِي تَثْبِيتِهِمَا الآثَارُ وَيُؤَلَّفُ فِيهِمَا الأَخْبَارُ، لَوْلَا أُغْلُوطَاتُكَ هَذِه؛ لما أَن عِلْمَهُمَا وَالإِيمَانَ بِهِمَا خَلُصَ إِلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، إِلَّا إِلَيْكَ وَإِلَى أَصْحَابِكَ، طَهَّرَ الله مِنْكُمْ بِلَادَهُ، وَأَرَاحَ مِنْكُمْ عِبَادَهُ!


(١) أخرجه من حديث ابن عباس، أحمد (٢٥٤٦)، والطيالسي (٢٧١١)، وعبد بن حميد (٦٩٥)، وأبو يعلى (٢٣٢٨)، والمصنف في الرد على الجهمية (٩١)، وغيرهم، وأسانيدهم مدارها على علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف.

<<  <   >  >>