للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعَجَبُ مِنْ اسْتِطَالَتِكَ بِجَهَالَتِكَ هَذِهِ، وَأُغْلُوطَاتِكَ؛ إِذْ تَقُولُ لِمَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِالله وَبِكِتَابِهِ مِنْكَ: إِنْ لَمْ تَعْلَمُوا تَفْسِيرَ مَا قُلْنَا، وَإِلَّا فَسَلُوا العلمَاءَ ولا تَعْجَلُوا.

وَيْلَكَ أَيُّهَا المَرِيسِيُّ، قَدْ سألنا العُلَمَاءَ، وَجَالَسْنَا الفُقَهَاءَ، فَوَجَدْنَاهُمْ كُلَّهُمْ عَلَى خِلَافِ مَذْهَبِكَ، فَسَمِّ عَالِمًا مِمَّنْ مَضَى وَمِمَّنْ غَبَرَ يَحْتَجُّ بِمثْل هَذِه العَمَايَات، ويتَكَلَّم بها حتى نَعْرِفَهُ فَنَسْأَلَهُ، فَإِنَّا مَا رَأَيْنَا مُتَكَلِّمًا يَنْتَحِلُ الإِسْلَامَ أَظْهَرَ كُفْرًا، وَأَسْمَجَ كَلَامًا، وَأَقَلَّ إِصَابَةً فِي التَّأْوِيلِ مِنْكَ.

وَقَدْ عَرَضْنَا كَلَامَكَ عَلَى كَلَامِ مَنْ مَضَى، وَمَنْ غَبَرَ مِنَ العُلمَاءِ، فَمَا فَوَجَدنَا أَحَدًا عَلَى مَذْهَبِكَ، وَعَرَضْنَاهُ عَلَى لُغَاتِ العَرَبِ والعَجَمِ فَلَمْ يَحْتَمِلْ شَيْءٌ مِنْهَا شَيْئًا مِنْ كَلَامِكَ. وَلَوْ كَانَ عِنْدَكَ مَنْ يَنْصَحُكَ لَحَجَرَ عَلَيْكَ الكَلَامَ فَضْلًا أَنْ يَفْتَخِرَ بِحُسْنِ الكَلَامِ.

وَسَنَذْكُرُ لَكَ آثَارًا مِمَّا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَصْحَابِهِ فِي الكُرْسِيِّ لِتَنْظُرَ فِي أَلْفَاظِهَا، هَلْ تَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أُغْلُوطَاتِكَ هَذِهِ؟

(٩٠) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، «أَنَّ جَعْفَرًا - رضي الله عنه - جَاءَهَا إِذْ هُمْ بِالحَبَشَةِ وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَتْ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ فَتًى مُتْرَفًا مِنَ الحَبَشَةِ شَابًّا جَسِيمًا، مَرَّ عَلَى امْرَأَةٍ، فَطَرَحَ دَقِيقًا كَانَ مَعَهَا، فَنَسَفَتْهُ الرِّيحُ، فَقَالَتْ: أَكِلُكَ إِلَى يَوْمٍ يَجْلِسُ المَلِكُ عَلَى الكُرْسِيِّ فَيَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ من الظَّالِم» (١).


(١) حسن، أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (١/ ٢٤٦)، وابن أبي الدنيا في الأهوال (٢٤٤)، وأبو طاهر المخلِّص في المُخَلِّصِيَّات (٣/ ٢٩١)، وغيرهم، من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، به، وإسناده صحيح سوى الراوي عن أسماء بنت عميس، سعد بن معبد «التغلبي» كما = ... = ذكره البخاري في تاريخه، ووقع في إسناد أبي طاهر «الهاشمي»، وسعد هذا مجهول، لم أجد من ذكره سوى البخاري، فقال في تاريخه (٤/ ٦٥): «سعد بن معبد التغلبي، قاله لي إسحاق بن منصور، نا أبو أسامة، نا زكريا، عن أبي إسحاق» ا. هـ وذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وقال: روى عن (بياض)، روى عنه (بياض)، سمعت أبي يقول ذلك.
قلت وللحديث طريقان آخران.
الطريق الأول: ما أخرجه ابن ماجه (٤٠١٠)، وابن حبان (٥٠٥٨)، وأبو يعلى (٢٠٠٣)، وابن أبي الدنيا في الأهوال (٢٤٣)، وغيرهم من طريق أبي الزبير عن جابر، بنحوه وفيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لمهاجرة الحبشة لما رجعوا «ألا تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة» فقال فتية منهم: بلى يا رسول الله وقصوا عليه بنحو قصة جعفر إلا أنهم قالوا كانت تحمل قلة ماء.
قلت وهذا إسناد صحيح، سوى ما فيه من عنعنة أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرس الراوي عن جابر بن عبد الله، وأبو الزبير مدلس.

الطريق الثاني: الحديث الذي يليه فانظره فالحديث بمجموع هذه الطرق حسن إن شاء الله.

<<  <   >  >>