الجَهْمِيَّةِ، وَلَيْسَ من حُجَجِ الوَاقِفِيَّةِ.
فَلْيَكْشِفِ المُعَارِضُ عَنِ اسْمِ هَذَا العَالِمِ الَّذِي قَالَ، فَإِنَّهُ لَا يَكْشِفُهُ إِلَّا عَنْ جَهْمِيٍّ خَبِيثٍ.
وَإِنَّهُ لَا يُقَاسُ رُوحُ اللهِ، وَبَيْتُ اللهِ، وَعَبْدُ اللهِ، المُجَسَّمَاتُ المَخْلُوقَاتُ القَائِمَاتُ المُسْتَقِلَّاتُ بِأَنْفُسِهِنَّ اللَّائي كُنَّ بِكَلَامِ الله وَأَمْرِهِ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ مِنْهَا مِنَ الله، كَكَلَامِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا المَخْلُوقَ قَائِمٌ بِنَفسِهِ وعَيْنِهِ، وحِلْيَتِهِ وَجِسْمِهِ، لا يَشُكُّ أَحَدٌ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَنَّهُ غَيْرُ اللهِ. وَأَنَّهُ لَيْسَ شَيءٌ مِنْها لله صِفَةً.
وَالقُرْآنُ كَلَامُهُ الَّذِي مِنْهُ خَرَجَ وَبِهِ تَكَلَّمَ، لَمْ يَقُمْ بِنَفْسِهِ جِسْمًا غَيْرَ الله، قَائِمًا يُحِسُّ أَوْ يُحَسُّ حِينَ تُقِيمُهُ القَرَأَةُ (١) والأَلْسُنُ، فَإِذَا زَالَتْ عَنْهُ القَرَأَةُ خَفِيَ فَلَمْ يُحَسَّ مِنْهُ بِشَيْءٍ، فَلَمْ يَقُمْ لَهُ عَيْنٌ إِلَّا أَنْ يُبَيَّنَ بِكِتَابٍ يُكْتَبُ، فَبَيْنَ رُوحِ الله وَبَيْتِ الله وَعَبْدِ الله، وَالقُرْآنِ الَّذِي هُوَ نَفْسُ كَلَامِ الله الخَارِجِ مِنْ ذَاتِهِ بَوْنٌ بَعِيدٌ.
فَكَيْفَ تَقَلَّدْتَ أَيُّهَا المُعَارِضُ كَلَامَ الوَاقِفَةِ بَدْءًا، ثُمَّ فَرَعْتَ مِنْهُ إِلَى أَفْحَشِ كَلَامِ الجَهْمِيَّةِ: أَنَّهُ كَعَبْدِ الله، وَبَيْتِ الله، ثُمَّ إِدْخَالِ الحُجَجِ عَلَى تَعْطِيل ما سِوَاهَا مِنَ الصِّفَاتِ؟ إِنَّمَا تَقُولُ الوَاقِفَةُ: إِنَّ القُرْآنَ كَلَامُ الله، وَلَا تَقُولُ: مَخْلُوقٌ وَلَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ، ثُمَّ تَعْرِضُونَ لِهَذِهِ الحُجَجِ الَّتِي عَرَضْتَ لَهَا وَاحْتَجَجْتَ بِهَا، فَلِذَلِكَ قُلْنَا: إِنَّكَ تُشِيرُ بِالوَقْفِ، مُنَافِحٌ عَنِ التَّجَهُّمِ، حَتَّى صَرَّحْتَ بِهِ فِي غَيْرِ مَكَانٍ مِنْ كِتَابِكَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا تَشْبِيهُكَ إِيَّاهُ بِبَيْتِ الله أَوْ عَبْدِ الله، وَبِقَوْلِكَ: إِنَّهُ غَيْرُ الله،
(١) وقع في «س»، «ع»: «القراءة»، والصواب ما أثبتته وهو الموافق لما في الأصل، «وقرأة» جمع قاريء، «ككتبة» جمع كاتب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute