للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(١٦٥) حَدَّثَنَاه سَعْدَوَيْه، عَن المُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ، عَنِ الحَسَنِ (١).

وَاحْتَجَّ المُعَارِضُ أَيْضًا لِمَذْهَبِهِ الأَوَّلِ بِحَدِيثٍ مُسْتَنْكَرٍ تَعَجَّبَ الجُهَّالُ مِنْهُ، وَيُوهِمُهُمْ أَنَّ مَا رَوَى أَهْلُ السُّنَّةِ مِنَ الرِّوَايَاتِ الصِّحَاحِ المَشْهُورَةِ مِمَّا يُنْقَضُ بِهَا عَلَى الجَهْمِيَّةِ فِي الرُّؤْيَةِ وَالنُّزُولِ وَسَائِرِ صِفَاتِ الله تَعَالَى مُسْتَنْكَرٌ مَجْهُولٌ مَهْجُورٌ مِثْلُ هَذَا الحَدِيثِ.

فَزعم أَن حَمَّاد بن سَلَمَةَ، رَوَى عَنْ أَبِي المُهَزِّمِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ الله، مِمَّ رَبُّنَا؟ فَقَالَ: «مِنْ مَاءٍ مَرُورٍ، لَا مِنْ أَرْضٍ وَلَا مِنْ سَمَاءٍ، خَلَقَ خَيْلًا فَأَجْرَاهَا، فَعَرَقَتْ فَخَلَقَ نَفسَهُ مِنْ ذَلِك العرَق» (٢).

فَيُقَالُ لِهَذَا المُعَارِضِ: لَوْ كَانَ لَكَ فَهْمٌ وَعَقْلٌ لَمْ تَكُنْ تُذِيعُ فِي النَّاسِ مِثْلَ هَذَا الحَدِيثِ الَّذِي لَا أَصْلَ لَهُ عِنْد العَلمَاء، وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْ حَمَّادٍ إِلَّا كُلُّ مَقْرُوفٍ فِي دِينِهِ، فَيَظُنُّ بَعْضُ مَنْ يَسْمَعُهُ مِنْكَ أَنَّ لَهُ أَصْلًا، فَيُضَلُّ بِهِ أَوْ يَضِلُّ، وَهَذَا الحَدِيثُ لَا يُعْرَفُ لَهُ أَصْلٌ فِي كِتَابِ ابْنِ سَلَمَةَ، وَلَا نَدْرِي مِنْ أَيْنَ وَقَعَ إِلَى المُعَارِضِ؟ وَمِمَّا يَسْتَنْكِرُ هَذَا الحَدِيثَ أَنَّهُ مُحَالُ المَعْنَى، بَلْ هُوَ كُفْرٌ لَا يَنْقَادُ وَلَا يَنْقَاسُ، فَكَيْفَ خَلَقَ الخَيْلَ الَّتِي عَرَقَتْ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ نَفْسُهُ فِي دَعْوَاكَ؟.

وَيْحَكَ أَيُّهَا المُعَارِضُ! إِنَّا نُكَفِّرُ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ كَلَامَ الله مَخْلُوقٌ، فَكَيْفَ مَنْ قَالَ: نَفْسَهُ؟

لَا جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا! عَمَّا تُورِدُ عَلَى قُلُوبِ الجُهَّالِ، مِمَّا لَا حَاجَةَ لَهُمْ إِلَيْهِ، فَعَمَّنْ رَوَيْتَهُ؟ عَنْ حَمَّاد؟ وَمِمَّنْ سَمِعْتَهُ؟ فَسَمِّه لَنَا نَعْرِفْهُ، فَإِنَّا لَا نَعْرِفُ إِلَّا أَنَّ اللهَ


(١) أخرجه الطبراني في الأوسط (٥٧٩)، في آخر قصة مقتل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقال الهيثمي في المجمع (٩/ ٧٦): إسناده حسن.
(٢) موضوع لعن الله من وضعه! كما قال الذهبي وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (٢٣١)، من طريق محمد بن شجاع الثلجي الكذاب الوضاع.

<<  <   >  >>